واشنطن ترفع "قانون قيصر": فرصة لإعادة الإعمار في سوريا ما بعد الأسد

أربيل (كوردستان24)- في خطوة وُصفت بأنها محورية لمنح دمشق فرصة لإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب، أعلنت الإدارة الأمريكية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، فيما أقرّ الكونغرس إلغاء "قانون قيصر" الذي فرض عقوبات مشددة لسنوات طويلة. تأتي هذه التحولات الجذرية في غضون عام واحد فقط على سقوط نظام الأسد وتشكيل سلطة جديدة.

ورغم هذه الانفراجة الاقتصادية، تشير القراءات السياسية في واشنطن إلى وجود "أزمة ثقة" حيال حكومة أحمد الشرع؛ إذ لا تزال الإدارة الأمريكية تنظر بحذر إلى خلفيات عدد من القادة الحاليين في دمشق، الذين كانوا حتى وقت قريب مدرجين على قوائم الإرهاب الأمريكية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن حكومة "الشرع" قد تكون، تاريخياً، الطرف السوري الأكثر "واقعية" في التعامل مع المصالح الأمريكية خلال القرن الأخير.

وفي سياق المواقف داخل الكابيتول هيل، صرح توماس ميلر ماكلينتوك، عضو الكونغرس الأمريكي، قائلاً: "يجب أن نتسم بالحيطة والحذر في بناء علاقاتنا مع سوريا، لكن الإدارة الحالية تشعر بالرضا حتى الآن تجاه ابتعاد الحكومة السورية عن إيران وإرث نظام الأسد. لا توجد حكومة مثالية، لكننا نعتقد أن دمشق تسير حالياً في الاتجاه الصحيح".

من جهتها، أعربت عضو الكونغرس لورا فريدمان عن آمالها بمستقبل ديمقراطي قائلت: "لقد عانت سوريا من عدم الاستقرار لفترة طويلة جداً، آمل أن يستتب الأمن وتتحول إلى دولة ديمقراطية تمنح شعبها حق تقرير المصير والعيش بسلام وأمان".

 

وعلى الرغم من المسار الدبلوماسي الصاعد، برزت أحداث دامية لتعيد خلط الأوراق؛ ففي الثالث عشر من هذا الشهر، لقي جنديان أمريكيان مصرعهما في كمين نصبه تنظيم "داعش" داخل الأراضي السورية. هذا الحادث، إلى جانب التوترات القائمة بين المكونات السورية والحكومة المركزية، والتقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، تمثل نقاط ضغط قوية تذكي الشكوك الأمريكية تجاه قدرة حكومة أحمد الشرع على ضبط المشهد.

وفي هذا الصدد، علّق الجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي، ويسلي كلارك، بالقول: "سوريا لا تزال تعاني من أزمات داخلية عميقة. يجب أن نراقب كيف ستُحل هذه المعضلات، خاصة مع وجود جماعات مسلحة متباينة الأهداف، كما رأينا في الهجوم الأخير على جنودنا. الحكومة السورية الجديدة تواجه تحديات أمنية واضحة، وعليها إثبات كفاءة سياستها في فرض الاستقرار".

على صعيد التمثيل الدبلوماسي، اختار الرئيس دونالد ترامب، توم باراك (الذي يشغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى تركيا) ليكون ممثلاً خاصاً له في الملف السوري. وتتبنى رؤية باراك دعماً مطلقاً لتعزيز "الحكومة المركزية" في دمشق، معبراً عن قناعته بأن النظام "الفيدرالي" لا يصلح للحالة السورية في الوقت الراهن.

تقف الحكومة السورية اليوم تحت مجهر الرقابة الأمريكية والمجتمع الدولي. هذه "الفرصة" الممنوحة لدمشق فتحت أمامها أبواب النظام الاقتصادي والتجاري العالمي مجدداً، وأعادت تفعيل القنوات الدبلوماسية. ومع ذلك، فإن أعضاء الكونغرس الذين صوتوا لصالح إلغاء "قانون قيصر" يشددون على ضرورة المراقبة اللصيقة لسلوك الحكومة الجديدة، وضمان احترامها لحقوق المكونات والأقليات، كشرط أساسي لاستمرار هذا الانفتاح.


تقرير: عيسى حسن – كوردستان24 – واشنطن