بوتين يشترط على أوكرانيا سحب قواتها من مناطق تطالب بها موسكو للبدء بمفاوضات سلام

أربيل (كوردستان 24)- أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة أنه سيتفاوض مع أوكرانيا في حال سحب قواتها من أربع مناطق تطالب بها موسكو وتخليها عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) مقللاً من أهمية قمة سلام في سويسرا لم تدع إليها بلاده.
ورفضت أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة على الفور شروط بوتين المتشددة لوقف الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنه في شباط/فبراير 2022.
ويخوض البلدان حرباً دامية منذ أكثر من عامين، ولم تعقد أي محادثات سلام مباشرة منذ الأسابيع الأولى للغزو عندما كانت القوات الروسية تتقدم نحو العاصمة الأوكرانية.
ودعت أوكرانيا إلى الانسحاب الكامل للقوات الروسية من أراضيها المعترف بها دولياً، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها، كجزء من أي اتفاق سلام.
وتأمل كييف في حشد الدعم الدولي في قمة سلام كبرى تعقد في سويسرا نهاية هذا الأسبوع.
ولكن مع التقدم الذي أحرزته روسيا في ساحة المعركة مرة أخرى ومعاناة أوكرانيا من نقص الموارد البشرية والذخائر، فإن تعليقات بوتين تُظهر رغبة فاترة من قبل موسكو في التوصل إلى تسوية.
وقال بوتين في خطاب متلفز أمام دبلوماسيين روس في موسكو "يجب سحب القوات الأوكرانية بالكامل من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ومنطقتي خيرسون وزابوريجيا".
وأعلنت روسيا ضم المناطق الأربع عام 2022، رغم عدم سيطرتها الكاملة على أي منها. ولا تزال العاصمتان الإقليميتان خيرسون وزابوريجيا في أيدي الأوكرانيين.
وأضاف بوتين "ما إن تقول كييف إنها مستعدة للقيام بذلك وتبدأ فعلاً سحب قواتها والتخلي رسمياً عن مشروع الانضمام للناتو، سنصدر فوراً أمراً بوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات".
وأكدت روسيا مراراً أنها ستواصل القتال حتى تحقيق أهدافها بـ"وضع محايد وغير منحاز وغير نووي لأوكرانيا ونزع سلاحها واستئصال النازية".
"منافية للمنطق"
ونددت كييف مع حلفائها الغربيين فوراً بهذه الشروط.
ورفض الرئيس فولوديمير زيلينسكي "انذار" بوتين "على طريقة هتلر".
ووصفت وزارة الخارجية الأوكرانية هذه التصريحات بأنها "سخيفة"، معتبرة أن بوتين يريد "احتلال أوكرانيا وتدمير الشعب الأوكراني".
وقال ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني إن الشروط التي حددها بوتين لبدء مفاوضات سلام غير منطقية.
وكتب بودولياك عبر وسائل التواصل الاجتماعي "إنها مهزلة بالكامل. لذا مرة أخرى يجب التخلي عن هذه الأوهام والتوقف عن التعامل مع اقتراحات روسيا بجدية، لأنها منافية للمنطق".
وفي ختام اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن "احتل بوتين الأراضي الأوكرانية ذات السيادة بشكل غير قانوني. وهو ليس في وضع يسمح له بأن يُملي على أوكرانيا ما يجب عليها فعله لتحقيق السلام".
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن بوتين لا يتصرف "بحسن نية".
وأضاف "هذا اقتراح يعني في الواقع أن روسيا يجب أن تحقق أهدافها الحربية من خلال توقع أن يتخلى الأوكرانيون عن مساحة أكبر بكثير مما تمكنت روسيا من احتلاله حتى الآن".
وقالت أوكرانيا إنها لن تؤيد السلام إلا في حال انسحبت روسيا بالكامل من البلاد، معتبرة أن أي وقف للقتال بشروط موسكو لن يؤدي سوى للسماح لروسيا بإعادة تجميع قواتها وشن هجوم آخر بهدف السيطرة على البلاد بأكملها.
وقال بوتين الجمعة إن موسكو قد توافق على "احتفاظ كييف بالسيادة الأوكرانية" على منطقتي خيرسون وزابوريجيا الجنوبيتين "شرط أن تكون لروسيا روابط برية قوية مع شبه جزيرة القرم".
ويقول محللون عسكريون منذ فترة طويلة إن أحد الأهداف الرئيسية لروسيا من الهجوم ربما كان إنشاء "جسر بري" بين روسيا وشبه جزيرة القرم، على طول الساحل الجنوبي لأوكرانيا.
وفي العلن، حاول بوتين وكبار المسؤولين الروس تبرير هجومهم بالقول إنهم يحمون السكان الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا من نظام "النازيين الجدد" في كييف، وليس محاولة الاستيلاء على الأراضي.
ولطالما رفضت أوكرانيا والغرب هذه الادعاءات باعتبارها لا أساس لها من الصحة، ووصفا التصرفات العسكرية الروسية بأنها عدوان إمبراطوري سافر.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في وقت لاحق الجمعة إن رفض مطالب بوتين "يحرم مواطني أوكرانيا من فرصة حقيقية للسلام".
"خدعة"
تأتي تصريحات بوتين قبل يوم واحد من حضور رؤساء ومسؤولين كبار من نحو 90 دولة ومنظمة في سويسرا قمة سلام حول أوكرانيا.
وستستخدم كييف المنتدى لتوضيح أجندة السلام الخاصة بها وحشد الدعم الدولي خلفها. ولم تتم دعوة روسيا لحضور القمة ورفض بوتين المبادرة الجمعة.
وقال "ما يقترحه القائمون على الاجتماع في سويسرا هو مجرد خدعة أخرى لتشتيت انتباه الجميع".
ومنذ بداية العام تعاني أوكرانيا في ساحة المعركة، حيث تواجه نقصاً في العديد والذخيرة بسبب تأخر وصول المساعدات العسكرية الغربية.
وشنت موسكو الشهر الماضي هجوماً برياً جديداً على منطقة خاركيف بشمال شرق البلاد، ما أدى إلى إرهاق القوات الأوكرانية.
المصدر: AFP