الحرب الروسية الأوكرانية وأبرز محطاتها

وبدأت الحرب وشكلت ذروة أزمات العام 2022، نستطيع القول بأنها أكبر حرب على الارض الاوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

أربيل (كوردستان24)- الحرب الروسية الاوكرانية تُعد من أبرز أحداث عام 2022 بسبب تداعياتها الخطيرة التي طالت مختلف دول العالم، والازمة الروسية الاوكرانية لا تُعد وليدة اليوم وإنما مرت بسلسلة من الاحداث أدت في النهاية الى الحرب التي نشهدها الان.

ففي سنة 2013 تخلى الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش عن إتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لصالح روسيا، وانطلقت حينها شرارة الاحتجاجات في العاصمة الاوكرانية كييف وشهدت مظاهرات مؤيدة للشراكة مع أوروبا، وفي سنة 2014 عزل البرلمان الاوكراني رئيس البلاد فيكتور يانوكوفيتش فيما اعتبرت روسيا تلك الخطوة انقلاباً، وفي نفس السنة ضمت روسيا شبه الجزيرة القرم.

وبعد عدة سنوات وفي عام 2017 أعلن حلف الشمال الاطلسي "الناتو" بقبول بدء مشاورات انضمام أوكرانيا الى الحلف، فيما قام الرئيس الروسي سنة 2018 بتدشين جسر القرم الذي يربط شبه الجزيرة بروسيا، واستمرت الخلافات والنزاعات بين الطرفين حتى سنة 2022 عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انطلاق عملية عسكرية في أوكرانيا.

وبدأت الحرب وشكلت ذروة أزمات العام 2022، نستطيع القول بأنها أكبر حرب على الارض الاوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

ففي 24 فبراير 2022 أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وقال إنه يستهدف نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها، حيث سيطرت روسيا في بداية الاجتياح من السيطرة على مناطق واسعة من مقاطعة خيرسون جنوب أوكرانيا، وبدأ الجيش الروسي توسيع عملياته على كافة الاتجاهات بعد صدور أوامر عليا، وفي ذات اليوم أعلن الاتحاد الاوروبي عن الشروع في شراء أسلحة لتسليمها لأوكرانيا وبدأت فرض عقوبات على موسكو بحزم متتالية من العقوبات، وفي 28 فبراير 2022 دخل الطرفان في مفاوضات ووضع كل طرف اشتراطاته وسلسلة الاولويات، لكنها تعثرت ولم يصلوا الى حد التهدئة أو تجميد الصراع.

وفي شهر مارس واصل الجيش الروسي التقدم واقتربوا من السيطرة على مدينة خاركيف شمال شرق البلاد، بينما أعلنت الولايات المتحدة في الثامن من الشهر ذاته عن فرض حظر على الغاز والنفط الروسيين في إطار سلسلة تتابع حلقاتها لاحقاً على مدار العام من العقوبات الغربية والامريكية، أما في الجانب الاخر كانت أوكرانيا تسعى للانضمام الى الاتحاد الاوروبي ولكن الدول الاعضاء رفضت طلب الرئيس الاوكراني في العاشر من الشهر ذاته، فيما أقر الاتحاد الاوروبي مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا، وفي 24 مارس أقر حلف الناتو تسليح أوكرانيا للتصدي لتهديدات بهجمات كيميائية أو نووية.

أما في شهر أبريل أعلنت أوكرانيا عن توجيهها ضربة صاروخية على "موسكفا" سفينة حربية روسية في البحر الاسود وأدت لغرقها، وبينما كان الروس يواصلون محاولات السيطرة على منطقة ماريوبول لاهميتها الاستراتيجية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 21 أبريل السيطرة النسبية على المدينة، في وقت كان لا يزال ما يصل لألفي جندي أوكراني آنذاك يقاومون من داخل مصنع آزروفستان للصلب، رفقة قرابة الالفي مدني قاوموا حتى منتصف شهر مايو، وفي 27 أبريل أقرت كييف بحقيقة تقدم القوات الروسية في الشرق وسيطرتها على مدن عديدة في إقليم دونباس.

وفي شهر مايو تمكنت روسيا من تحقيق انتصار استراتيجي وذلك بالسيطرة على ماريوبول المهمة اقتصادياً وعسكرياً وذلك بعد السيطرة على مصنع آزوفستال، وفي 28 مايو تمكنت القوات الموالية لروسيا من السيطرة على مدينة ليمان التي تشكل مركزاً مهماً للسكك الحديدة في منطقة دونيتسك، وتواصلت حلقات الدعم الغربي لأوكرانيا في شهر مايو عندما تعهدت مجموعة الدول السبع بتقديم 19.8 مليار دولار، فيما وافق الكونغرس الامريكي في 19 مايو على تقديم 40 مليار دولار دعما لجهود الحرب في أوكرانيا، وفي 30 مايو قرر الاتحاد الاوروبي بخفض وارداته من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام.

مطلع شهر يونيو تعهدت الولايات المتحدة الامريكية بإرسال أنظمة صاروخية لاوكرانيا، بينما هدد الرئيس الروسي بضرب أهداف جديدة إذا حصلت اوكرانيا على صواريخ بعيدة المدى، وفي 21 يونيو أعلن حاكم لوغانسك أن القوات الروسية سيطرت على مدينة سيفيرودونتسك الاستراتيجية، وانتهى شهر يونيو بتطور دراماتيكي بإنسحاب القوات الروسية من جزيرة الثعبان بعد أن بررت موقفها بكونه بادرة حسن نية.

وفي مطلع شهر يوليو أعلنت القوات الروسية سيطرتها على منطقة لوغانسك، فيما تبقى أمامها منطقة دونيتسك لإحكام قبضتها على إقليم دونباس بأكمله آنذاك، وأعلن وزير الدفاع الاوكراني في 11 يوليو عن مساعي بلاده لتشكيل جيش من مليون جندي بأسلحة مقدمة من الناتو لاسترداد جنوب البلاد من القوات الروسية، وعلى الجانب الاخر شهد شهر يوليو تطوراً مهماً في سياق معالجة تبعات الحرب على الامن الغذائي حول العالم، بتوقيع اتفاق في اسطنبول للسماح بتصدير الحبوب الاوكرانية عبر البحر الاسود، وفي 25 يوليو أعلنت شركة غازبروم الروسية مزيداً من خفض إمدادات نورد ستريم1 الى الاتحاد الاوروبي.

شهر أغسطس شهد تحذيراً من قبل الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش عندما قال "إن العالم على بعد خطوة واحدة غير محسوبة من الابادة النووية مع احتدام المعارك في أوكرانيا، في ذات الوقت كانت روسيا و أوكرانيا تتبادلان الاتهامات حول قصف استهدف محطة زابوريجيا النووية في الخامس من شهر أغسطس وسط تحذيرات من كارثة نووية محتملة، وهزت سلسلة من الانفجارات قاعدة ساكي الواقعة غرب شبه جزيرة القرم في 11 أغسطس، وتلا ذلك هجوم بطائرة مسيرة استهدف اسطول البحر الاسود الروسي في شبه الجزيرة، وبعد ذلك استطاعت اوكرانيا في إحراز تقدم في بعض المناطق التي تسيطر عليها روسيا، واعلنت الولايات المتحدة الامريكية عن حزمة مساعدات جديدة لاوكرانيا بقيمة 775 مليون دولار، وتعهد الرئيس الامريكي بمساعدات عسكرية لاوكرانيا بقيمة 3 مليار دولار، فيما عملت روسيا على تقوية موقفها ميدانياً خلال أوامر أصدرها الرئيس الروسي بزيادة أعداد القوات الروسية بنسبة 10% فضلا عن توقف إمدادات الغاز الى اوروبا عبر خط أنابيب غازبروم1 في نهاية أغسطس، ما أدى لتسجيل أسعار الغاز لاحقاً ارتفاعاً قياسياً في أوروبا.

وشهد شهر سبتمبر تطورات ميدانية عندما تمكنت القوات الاوكرانية من تحقيق تقدم على أكثر من جبهة، ونجحت روسيا قي استفتاء شعبي بضم أربع مناطق أوكرانية إليها في 29 سبتمبر، واعلنت كييف عن مكاسب عسكرية كبيرة بعد هجوم سريع على القوات الروسية شرقي البلاد في 11 سبتمبر، أدى لانسحاب روسي من عدة بلدات، كما اعلن الجيش الاوكراني عن اكتشاف مئات الجثث في مقبرة جماعية بمدينة إيزيوم التي سيطرت عليها القوات الروسية، في حين أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة العسكرية الجزئية وسط استنكار غربي للقرار في 21 سبتمبر.

أما في شهر اكتوبر، واصلت القوات الاوكرانية التقدم جنوباً بينما استهدفت روسيا مدناً اوكرانية بحملة قصف جوي بعد تفجير جسر القرم، وبدأت روسيا في 13 أكتوبر بإجلاء المدنيين من خيرسون، وهي العملية التي أتمتها موسكو في 28 أكتوبر استعداداً لمعركة خيرسون.

وفي شهر نوفمبر أعلنت روسيا في الخامس من نوفمبر عن السماح باستدعاء جنود الاحتياط ليشمل المدانين بجرائم خطيرة الذين غادروا السجن مؤخراً، ضمن جهود التعبئة و زيادة القدرات العسكرية، وفي التاسع من نوفمبر تلقى الجيش الروسي أوامر بالانسحاب من مدينة خيرسون وهو ما اعتبره الرئيس الاوكراني بداية النهاية للحرب.

رغم التفاؤل الذي دب بصفوف القوات الاوكرانية، حذرت الحكومة الاوكرانية في 16 ديسمبر من ان روسيا تخطط لهجوم بري واسع النطاق العام المقبل 2023، واتهم الجيش الاوكراني في مطلع الشهر روسيا باستخدام صواريخ ذات قدرة نووية برؤوس حربية غير متفجرة من أجل استنزاف قدرات الدفاعات الجوية الاوكرانية، وفي السابع من ديسمبر قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن خطر الحرب النووية يتصاعد، لكن بلاده لن تكون البادئة في استخدام أسلحتها النووية.

وفيما ينتظر العالم لمآلات الحرب القائمة شرق أوروبا، فإن توسع نطاق الحرب لا يزال مطروحاً بقوة حسب التطورات التي تجري على الارض، في ظل عدم وجود بوادر لانهاء تلك الحرب على طاولة المفاوضات لايجاد حل سياسي سلمي، وبينما ييستقبل العالم العام 2023 فإن آمال التوصل لمقاربات سياسية لا تزال قائمة، لا سيما في ظل تبعاتها السلبية على مختلف الاطراف بما في ذلك أوروبا.