بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات
أربيل (كوردستان24)- اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس أنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض المقرّرة بعد أقلّ من أسبوعين، منوّها بالرغبة "الصادقة" التي أبداها المرشح الجمهوري دونالد ترامب بإحلال السلام في أوكرانيا.
وقال بوتين خلال المؤتمر الصحافي الختامي لقمة بريكس في قازان إنّ "تطوّر العلاقات الروسية-الأميركية بعد الانتخابات سيعتمد على الولايات المتحدة. إذا كانوا منفتحين، فسنكون منفتحين أيضا، وإذا كانوا لا يريدون ذلك، فلن يتعيّن علينا أن نفعل ذلك".
وأتى تصريح الرئيس الروسي قبيل اجتماع بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو الأول بينهما منذ نيسان/أبريل 2022.
ونوّه بوتين بتصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي السابق بشأن رغبته بإنهاء الحرب في أوكرانيا بين كييف وموسكو.
وذكر الرئيس الروسي أنّ ترامب "قال إنه يريد بذل كلّ ما يستطيع لوضع حدّ للنزاع في أوكرانيا. يبدو لي أنه يقول هذا الأمر بصدق. ونرحّب بالتأكيد بتصريحات مماثلة أيا يكن مصدرها".
وترامب الذي تولى الرئاسة الأميركية بين 2017 و2021، أكّد مرارا أنّ بإمكانه، إذا فاز بالانتخابات، إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا "خلال 24 ساعة"، دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.
وترامب هو أيضا من أشدّ منتقدي المساعدات العسكرية والمالية الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا، ومن هنا خشية كييف أن تتعرّض هذه المساعدات الحيوية للخطر إذا عاد الملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض.
ورغم كل مواقف ترامب هذه، قال بوتين مؤخرا بنبرة ساخرة إنّه يدعم فوز المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس.
وفي ما يتعلّق بإنهاء الحرب في أوكرانيا، شدّد بوتين على أنّ أيّ اتفاق سلام يجب أن يرتكز "على الوقائع الميدانية" مع استمرار سيطرة الجيش الروسي على نحو 20% من أراضي أوكرانيا.
كما حذّر بوتين الغربيين من مخاطر "حساباتهم الواهمة" بأنّ دعمهم أوكرانيا سيلحق "هزيمة استراتيجية" بروسيا.
وقال إنّ الغربيين "لا يخفون هدفهم المتمثّل في إلحاق هزيمة استراتيجية ببلادنا"، مؤكّدا أنّ هذه "حسابات واهمة لا يمكن أن يقوم بها إلا من لا يعرفون تاريخ روسيا ولا يأخذون بالاعتبار وحدتها التي تشكّلت خلال قرون".
وفي القمة، دعا غوتيريش على مسامع بوتين إلى "سلام عادل" في أوكرانيا "بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وتعليقا على ذلك، قال الرئيس الروسي إنّ "الأمين العام قال إنه ينبغي لنا العيش جميعا كعائلة واحدة كبيرة (...) للأسف، في العائلات، غالبا ما تكون هناك خلافات وفضائح ونزاعات على الملكية، وأحيانا تكون هناك شجارات".
وأعلن غوتيريش أنّه أبلغ بوتين خلال اجتماعهما على هامش قمة دول البريكس أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا ينتهك القانون الدولي.
كما أكد غوتيريش لبوتين تمسّكه بـ"حرية الملاحة في البحر الأسود"، وهو أمر بالغ الأهمية لأوكرانيا ولأمن الغذاء والطاقة في العالم.
الشرق الأوسط
خلال القمة حذّر بوتين، على غرار ما فعل سائر قادة دول بريكس، من أنّ النزاع الحالي في الشرق الأوسط "يوشك أن يتحوّل حربا شاملة".
وقبيل تصريحات بوتين، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة تحقيق "سلام عادل" في أوكرانيا.
كما طالب غوتيريش بـ"وقف فوري للنار" في غزة وإطلاق سراح الرهائن و"الوقف الفوري للأعمال العدائية" في لبنان.
وهذه أول زيارة لروسيا يجريها غوتيريش منذ نيسان/أبريل 2022.
ومجموعة "بريكس" هي منتدى تأمل موسكو بأن يساعد على تشكيل جبهة موحّدة للاقتصادات الناشئة بمواجهة الغرب.
وسبق لغوتيريش أن انتقد العملية العسكرية الروسية وضمّ موسكو أراضي أوكرانية، لكنّ القتال يتواصل للعام الثالث تواليا.
وقال أثناء القمة "نحتاج إلى سلام في أوكرانيا. سلام عادل يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة" للأمم المتحدة.
وشدد على وجوب احترام "مبادئ السيادة وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي لجميع الدول".
وأسفت المعارضة الروسية يوليا نافالنايا التي تقيم في المنفى لقيام غوتيريش بمصافحة بوتين، وكتبت على منصة إكس "إنه العام الثالث للحرب، والأمين العام للأمم المتحدة يصافح قاتلا".
ودعا قادة آخرون أثناء القمة إلى وقف الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس وحزب الله في غزة ولبنان، فيما اتّهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدولة العبرية بالعمل على تجويع المدنيين في غزة وإخراجهم من القطاع.
وعلى هامش القمة، عقد بوتين الخميس اجتماعا مع عباس.
وقال بوتين لعباس حسبما نقل مراسلو وكالة فرانس برس الموجودون في القاعة "منذ لقائنا الأخير (في آب/أغسطس في موسكو)، لم يتحسّن الوضع... على العكس، لقد تدهور".
وأثناء قمة "بريكس"، دعا القادة أيضا إلى إحلال السلام في غزة ولبنان.
وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من "تحديات خطرة" يواجهها العالم وأمل بأن تكون بلدان "بريكس" "قوّة تجلب الاستقرار من أجل السلام".
وقال "علينا مواصلة الضغط من أجل وقف لإطلاق النار في غزة وإعادة إطلاق حل الدولتين ووقف اتساع رقعة الحرب في لبنان. ينبغي أن تتوقف المعاناة والتدمير في فلسطين ولبنان".
وانتهز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان المناسبة للتنديد بدور مجلس الأمن الدولي قائلا إن المنظمات الدولية وخصوصا الأمم المتحدة "لا تتمتع بالفاعلية اللازمة لإخماد نيران هذه الأزمة".
اسألوا بيونغ يانغ
وعقِدت قمة بريكس في وقت تساءلت الولايات المتحدة عن سبب إرسال كوريا الشمالية آلاف الجنود إلى روسيا، مرجّحة احتمال نشرهم للقتال بأوكرانيا.
وأتى اللقاء بين غوتيريش وبوتين غداة تأكيد الولايات المتحدة أنها تعتقد أن "آلاف" الجنود الكوريين الشماليين يتلقون التدريب في روسيا.
وقال مسؤول أميركي رفيع "لا نعرف ما ستكون عليه مهمّتهم وإن كانوا سيذهبون للقتال في أوكرانيا".
وردا على سؤال عن مسألة الجنود الكوريين الشماليين، لم ينفِ بوتين المعلومات المنشورة بهذا الشأن، متجنبا في الوقت نفسه الإدلاء برد مباشر.
وقال "لم نشكّ أبدا في أنّ الكوريين الشماليين يتعاملون بجدية مع اتفاقاتنا (للتعاون)"، مضيفا "هذه شؤوننا الخاصة".
وكانت الناطقة باسم الخارجية الروسية أعلنت الأربعاء أنه يتعيّن "سؤال بيونغ يانغ" بشأن تحرّكات جنودها، رافضة تأكيد الاتهامات أو نفيها.
في الأثناء، أقر البرلمان الروسي الخميس موازنة تنص على زيادة الإنفاق الدفاعي بنحو 30 في المئة.
ويواجه بوتين أيضا دعوات من حلفاء أمثال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا لوضع حد للقتال في أوكرانيا.
وبعدما تأسست عام 2009 بأربعة أعضاء هم البرازيل وروسيا والهند والصين، توسّعت مجموعة "بريكس" لتشمل بلدانا ناشئة أخرى بينها جنوب إفريقيا ومصر وإيران.
وقالت تركيا المنضوية في الناتو الشهر الماضي إنها طلبت الانضمام إلى المجموعة وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الخميس "نحن عازمون على تحقيق تقدّم في حوارنا مع عائلة بريكس".
ونددت فنزويلا التي أرادت الانضمام إلى مجموعة بريكس، بالفيتو الذي استخدمته البرازيل ضدها الخميس، ووصفته بأنه "عدوان".