مساجد وكنائس تتحول لمراكز اقتراع في الولايات المتحدة

أربيل (كوردستان24)- حيث يصلّي أحدهم، يمكنه أن يصوّت كذلك، ويصوّت ابن منطقته الذي لا يعتنق الدين نفسه، في الانتخابات الأميركية الرئاسية والنيابية، التي انطلقت فجر الثلاثاء في أرجاء الولايات المتحدة.

ولتسهيل عملية وصول الناخبين لمراكز الاقتراع، تم إنشاؤها في مختلف الأماكن التي توفر خدمات عامة للجمهور، مثل المدارس والمراكز المجتمعية والدينية وأماكن العبادة ومراكز الشرطة ومحطات الإطفاء والمكتبات، وغيرها من أماكن ذات صلة.

ووفق هيئة المحاسبة الحكومية الأميركية (GAO)، فإن اعتماد هذه المرافق الدينية يأتي لتوفير مواقع ملائمة للتصويت دون تأييد دين بعينه. كما تقدم لجنة المساعدة الانتخابية الأميركية (EAC) إرشادات لاختيار مراكز الاقتراع، مؤكدة على ضرورة الحيادية وتيسير الوصول إليها، وضمان أن تكون أماكن العبادة أو المراكز الدينية متاحة للجميع بغض النظر عن خلفايتهم الدينية، وألا تعرض رموزاً دينية قد يُفهم منها أنها محاولة تأثير على قرارات الناخبين.

ونظراً لكون المباني الدينية مجهزة في الغالب بتسهيلات الوصول لذوي الإعاقة، يجعلها ذلك مؤهلة لأن تُتخذ مراكز اقتراع، إذ تتطلب القوانين الفيدرالية مثل قانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA) أن تكون مراكز التصويت مُتاحة للجميع.

 

تأطير قانوني

وينص التعديل الأول للدستور الأميركي على "ألا يصدر الكونغرس أي قانون يحترم تأسيس دين أو يمنع الممارسة الحرة له"، ما يعني أن الحكومة يجب أن تظل محايدة تجاه الأديان دون تفضيل دين على آخر أو منع الممارسة الدينية.

وفي بند التأسيس للتعديل، فإنه يُمنع على الحكومة تأسيس دين رسمي أو دعم دين بعينه، لذلك تم تفسير هذا الموقف المحايد بأنه قد يسمح باستخدام منشآت دينية لأغراض مدنية، ذلك أنه لا يُظهر تفضيلاً لدين معين.

مع ذلك، لم يكن من المألوف أو الشائع تحويل المساجد أو المراكز الإسلامية أو الإسلامية المجتمعية، لمراكز اقتراع، كما هو الحال مع الكنائس والكُنُس اليهودية.

وتم تداول فيديو، الثلاثاء، يُظهر اصطفاف عشرات الناخبين في طابور أمام المركز الإسلامي في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو، بانتظار دورهم للإدلاء بأصواتهم في مركز اقتراع أقيم داخل المركز، كما أظهرت صور لوكالة رويترز توافد ناخبين إلى أحد المساجد في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا المتأرجحة.

وبالبحث داخل جداول وقوائم مراكز الاقتراع الرسمية وغير الرسمية التي تصدرها جمعيات ومؤسسات ولجان خاصة بالأقليات لتحفيز جمهورها على التصويت واختيار أقرب نقاط اقتراع في مناطقهم، تعجّ هذه القوائم بأسماء كنائس ومراكز مسيحية، وعدد قليل جداً من المراكز إسلامية والمساجد، متوزعة بين تكساس ونيويورك وأوهايو.

وفي قائمة ولاية تكساس لمراكز الاقتراع في انتخابات 2024، هناك أسماء مساجد ومراكز إسلامية، هي: "إسلاميك أسوسييشن أوف نورث تكساس" و"ماس إسلاميك سنتر أوف دالاس"، و"مسجد مكة IDA" و"مسجد المدينة في كارولتون".

 

التصويت بالمساجد

وفي مقابلة أجرتها صحيفة باكستانية ناطقة بالإنجليزية مع أئمة مساجد في مدينة دالاس، قالوا إنها المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأميركية، التي تشهد استضافة المساجد في تكساس مراكز الاقتراع.

وبيّن أحدهم أن الغاية من ذلك "تشجيع المسلمين على ممارسة حقهم الانتخابي"، وكذلك "إتاحة الفرصة لغير المسلمين بالدخول لمرافق إسلامية والتعرف عليها".

ونقل تقرير سابق لوكالة أسوشيتد برس، خلال انتخابات 2016 التي كسبها الجمهوري دونالد ترامب أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، في حينه، قرار العدول عن جعل مسجد مركزاً للاقتراع في مدينة بالم بيتش في ولاية فلوريدا، إلى جانب السماح لـ 80 كنيسة وأربعة معابد ومراكز دينية يهودية.

وتم إلغاء التصويت في المسجد، بعد تلقي المشرفة على الانتخابات في المقاطعة نحو 50 شكوى، بينها تهديدات بالعنف حال الاستمرار في عدّه مكاناً للاقتراع، ليتم بعدها نقل المركز لمكتبة قريبة منه. هذا القرار لاقى اعتراضات في حينه من أعضاء كونغرس ديمقراطيين، رفضوا التمييز الديني.

وقالت "المؤسسة الوطنية للحرية الدينية" في الولايات المتحدة، لأسوشيتد برس، إن دور العبادة والمرافق الدينية بالأساس "يجب ألا تستضيف مراكز الاقتراع" ولكن "إذا سُمح للكنائس والمعابد الدينية ذلك فيجب أن يُسمح به للمساجد أيضاً".

ويعمد عدد قليل من دول العالم إلى تسخير المرافق الدينية وغالباً الكنائس، لصالح التصويت الانتخابي، مثل المملكة المتحدة وكندا وآيرلندا ونيوزلندا وأستراليا، خصوصاً في المناطق الريفية والنائية.

ويقدّر مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير" عدد الناخبين المسلمين في انتخابات 2024 بنحو 2.5 مليون، معتبراً أنهم في وضع يسمح لهم بلعب دور حاسم في تشكيل المشهد السياسي، خاصة مع وجودهم الكبير في ولايات متأرجحة.