في المناطق العلوية في سوريا فرح بسقوط الأسد وخشية على المستقبل

أربيل (كوردستان 24)- في معقل الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد في غرب سوريا ، يحتفل السوريون من هذه الأقلية بسقوط النظام، لكنهم يخشون من التهميش أو حتى التعرض لعمليات انتقام لارتباطهم طائفتهم بعائلة الأسد ومع وصول فصائل إسلامية إلى السلطة.
وتمكّنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام من السيطرة على دمشق في 8 كانون الاول/ديسمبر، ما أنهى حكم الرئيس بشار الأسد، الذي كان يقدّم نفسه كحامي الأقليات في بلد غالبيته من المسلمين السنة.
وحاولت السلطات الجديدة إرسال تطمينات للأقليات الدينية، لكن العلويين يخشون من أن طائفتهم التي ارتبطت بعائلة الأسد وحكمت سوريا لعقود، أن يكونوا عرضة لعمليات انتقام.
وتقول طالبة جامعية تنتمي إلى الطائفة العلوية من مدينة اللاذقية الساحلية لوكالة فرانس برس "كثر مثلي من الطائفة العلوية التي تعتبر أقلية، أصبحنا قلقين لأن من حررونا ليسوا مجموعة واحدة بل هناك عدة فصائل، والبعض منها لها تاريخ أسود".
يشرح الكاتب والباحث الفرنسي فابريس بالانش أن "العلويين كانوا قريبين جداً من نظام بشار" وكانوا بمثابة "حماة النظام".
ويقدّر بالانش عددهم بنحو 1,7 مليون شخص حالياً، أي قرابة 9% من سكان سوريا البالغين 19 مليون نسمة.
"انتقام جماعي"
ويرى بالانش أن "ارتباطهم بالنظام قد يؤدي إلى انتقام جماعي ضدّهم، لا سيما أنهم يعتبرون هراطقة من قبل الاسلاميين".
ودعا القادة الروحيون للطائفة العلوية في سوريا إلى عفو عام عن جميع السوريين وضمانات بعودة آمنة للنازحين.
وفي حين يتشارك أصدقاء الطالبة التي تحدثت إليها وكالة فرانس برس من السنة رسائل عن الوحدة على مواقع التواصل، إلا أن ما يقلقها هي تعليقات كثيرة تتسم بالكراهية.
وتقول الطالبة التي فضّلت عدم كشف اسمها "أرى تعليقات على انستغرام أو فيسبوك بأن +الدور قادم إليكم وسوف نقتلكم+".
تشعر شقيقتها وزوج شقيقتها بخوف شديد لدرجة أنهما قررا مغادرة البلاد.
وقبل انفصالها عن تنظيم القاعدة في العام 2016، كانت هيئة تحرير الشام التي عرفت حينها بجبهة النصرة الفرع السوري للقاعدة، وشنّت هجمات دامية ضدّ العلويين في بداية النزاع في سوريا.
ودفع تقدّم فصائل المعارضة من شمال سوريا الكثير من العلويين، خصوصا في مدينة حمص في وسط البلاد حيث يتواجدون بكثافة، إلى الفرار نحو المنطقة الساحلية في اللاذقية وطرطوس، التي تُعدّ معقلا رئيسيا للطائفة العلوية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه وثّق عدة انتهاكات ارتكبها مقاتلو الفصائل المتمردة في هذه المنطقة الساحلية منذ سقوط بشار الأسد، بما في ذلك ضد مدنيين.
ووسط هذه المخاوف، أكّد رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا محمد البشير "سنضمن حقوق كل الناس وكل الطوائف في سوريا"، في تصريح لصحيفة كوريري دي لا سيرا الإيطالية الثلاثاء.
"كل خيرات البلاد"
وأثار سقوط الأسد أيضا مظاهر فرح داخل معاقل طائفته، حيث تم إسقاط تماثيل حافظ الأسد، والد بشار، في اللاذقية وطرطوس.
وتقول الطالبة الجامعية إن غالبية أصدقائها العلويين لا يدعمون عائلة الأسد لأنهم "كانوا يسرقوننا، حرفيا كل خيرات البلاد كانت تذهب إليهم".
وتشعر الطائفة العلوية الصغيرة التي تشكّل ثقلا كبيرا في صفوف القوات المسلحة، باستياء تجاه عائلة الأسد بسبب الثمن الباهظ الذي دفعته منذ بداية الحرب في العام 2011.
ويشرح بالانش أن "رجلا من بين كل ثلاثة تراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما قتل خلال الحرب".
ويقول مدرّس من مدينة جبلة المجاورة للاذقية إنه في ليلة سقوط الأسد "بكيت ولم أنم، وشعرت مزيجا من الخوف والفرح".
المصدر: أ ف ب