المرصد السوري لحقوق الإنسان يوثق مقتل 7670 شخصاً منذ سقوط نظام الأسد

أربيل (كوردستان24)- بعد ستة أشهر على سقوط النظام السوري، لا تزال آلة القتل تحصد أرواح المدنيين في مختلف مناطق البلاد، وإن تبدلت الواجهات وتعددت الجهات المسؤولة. فقد كانت الآمال معلقة على مرحلة انتقالية أكثر أمناً وعدالة، لكن الواقع كشف عن استمرار العنف وتوسع دوائره، وسط غياب فعلي لسيادة القانون والمحاسبة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، من هذا التقرير الحقوقي يرصد أنماط القتل والانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة التي استمرت خلال الفترة التي أعقبت انهيار النظام، حيث تتقاطع مسؤولية جهات متعددة عن ارتكابها، سواء عبر القتل المباشر أو الإهمال المتعمد لأمن السكان.
ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد شكّل المدنيون نسبة 75.4% من إجمالي عدد القتلى خلال الأشهر الـ6، في حين بلغت نسبة عدد غير المدنيين 24.6%. يعكس هذا التوزيع ارتفاع نسبة المدنيين المتضررين بشكل كبير مقارنة بغير المدنيين في الحوادث الموثقة خلال هذه الفترة.
ويوثّق هذا التقرير سلسلة من الانتهاكات وحوادث العنف التي أودت بحياة العشرات، في ظل غياب الدولة وتفكك الأجهزة الأمنية.
ويسجّل التقرير وقوع ضحايا بسبب الرصاص الطائش خلال مناسبات عامة ونزاعات شخصية، حيث يسقط القتلى من المدنيين دون قصد، في مشهد يعكس غياب أدنى معايير ضبط السلاح.
وفي ظل انعدام الرقابة الأمنية، تصاعدت وتيرة الانفجارات في الأسواق والشوارع العامة، ما أسفر عن عشرات القتلى، دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات التي أسهمت في تعميق مناخ الرعب اليومي لدى السكان.
وفي مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، يوثق التقرير حوادث قتل نفّذها عناصر من الفصائل المسلحة بحق مدنيين، سواء خلال عمليات مداهمة أو عبر إطلاق نار مباشر.
كما يسلّط الضوء على حالات تعذيب أفضت إلى الوفاة داخل مراكز احتجاز تابعة للفصائل، وسط غياب المحاسبة وانعدام الرقابة المستقلة.
أما في مناطق سيطرة حكومة دمشق، يرصد التقرير وقوع وفيات تحت التعذيب في مراكز احتجاز رسمية، في ظل تغييب ممنهج للعدالة وحرمان المعتقلين من حقوقهم القانونية.
كما تم توثيق حالات قتل مباشر نفّذتها تشكيلات موالية للحكومة في مرحلة ما بعد الانهيار، في سلوك يعكس استمرار العنف الانتقامي دون رادع
ورغم تراجع سيطرته الميدانية، لا يزال تنظيم “الدولة الإسلامية” ينفّذ عمليات اغتيال وتصفية بحق معارضيه، مستهدفاً أفراداً ومناطق متفرقة، ما يفاقم الخسائر البشرية ويعزز حضور خلاياه النشطة.
كذلك، شنّت إسرائيل غارات جوية على أهداف داخل سوريا عقب سقوط النظام، إلا أن بعض تلك الضربات أسفرت عن مقتل مدنيين، وهي خسائر وثّقها التقرير ضمن سياق العمليات العابرة للحدود.
وفي شمال شرق سوريا، أودت الهجمات التركية المتكررة على مناطق سيطرة “قسد” بحياة عدد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في انتهاك واضح لقوانين النزاع المسلح.
كما يوثّق التقرير حالات قتل طالت سوريين حاولوا عبور الحدود نحو الأردن، وتركيا حيث تعرضوا لإطلاق نار من قبل حرس الحدود، في مشهد يسلّط الضوء على المخاطر التي تواجه المواطنين.
ويعرض التقرير أيضاً انتهاكات منسوبة لعناصر من “قسد”، شملت حالات إعدام ميداني واستخداماً مفرطاً للقوة خلال عمليات أمنية، ما يثير تساؤلات حول آليات المحاسبة في تلك المناطق.
وتتكرر حوادث القتل على يد مجهولين، في ظل غياب الدوافع المعلنة أو هوية الجناة، ما يعكس حالة الانفلات الأمني والتقصير في جهود التحقيق، ويهدد ما تبقى من شعور بالأمان لدى السكان.
ولا تزال الألغام والذخائر غير المنفجرة تحصد أرواح المدنيين، حتى في المناطق التي يُفترض أنها باتت آمنة. ويسجّل التقرير سقوط ضحايا من الأطفال والمزارعين في حوادث دامية ناجمة عن هذه المخلفات.
كما وثّق التقرير مجازر ارتُكبت على خلفيات طائفية أو ثأرية، استهدفت أفراداً وعائلات لمواقفهم السابقة أو انتماءاتهم، في مشهد يعيد إنتاج دوائر العنف الأهلي ويقوّض فرص المصالحة.
مقتل 7670 شخص خلال 6 أشهر
وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 7670 شخصاً في مختلف أنحاء سوريا، في الفترة الممتدة من 8 كانون الأول 2024 وحتى 6 حزيران 2025، نتيجة استمرار أعمال العنف والانتهاكات على يد أطراف محلية وخارجية، إلى جانب الفوضى الأمنية العارمة. من بين الضحايا، سقط 5784 مدنياً، منهم 306 طفل و422 سيدة، مما يعكس هشاشة الواقع الأمني والخطر المتزايد على الفئات الأضعف في المجتمع.
وتوزعت حصيلة الخسائر البشرية وفقا للأشهر على الشكل التالي:
من 8 كانون الأول وحتى نهاية 2024:
2354 ضحية، بينهم 1894 مدنياً (1839 رجلاً، 21 سيدة، 34 طفلاً) و460 غير مدنيين.
كانون الثاني 2025:
-1122 ضحية، بينهم 679 مدنياً (480 رجلاً، 146 سيدة، 53 طفلاً) و443 غير مدنيين.
شباط 2025:
-603 ضحية، بينهم 435 مدنياً (347 رجلاً، 46 سيدة، 42 طفلاً) و168 غير مدنيين.
آذار 2025:
-2644 ضحية، منهم 2069 مدنياً (1828 رجلاً، 144 سيدة، 97 طفلاً) و575 غير مدنيين.
نيسان 2025:
-452 ضحية، بينهم 352 مدنياً (287 رجلاً، 40 سيدة، 25 طفلاً) و100 غير مدنيين.
أيار 2025:
-428 ضحية، منهم 295 مدنياً (227 رجلاً، 19 سيدة، 49 طفلاً) و133 غير مدنيين.
حتى السادس من حزيران:
-67 ضحية، منهم 60 مدنياً (48 رجلاً، 6 سيدة، 6 أطفال) و7 غير مدنيين.
فيما كانت ظروف استشهاد المدنيين كالتالي:
-رصاص عشوائي واقتتال: 251 شخصاً هم: (183 رجال و20 سيدة و48 طفلاً).
-غير ذلك: 20 شخصاً هم: (17 رجال و1 سيدة و2 أطفال).
-على يد فصائل “الجيش الوطني”: 17 شخصاً هم: (13 رجال و3 سيدات و1 طفل).
-ظروف مجهولة: 1683 شخصاً هم: (1664 رجال و10 سيدات و9 أطفال).
-تردي الأوضاع المعيشية: 1 طفل.
-آليات مفخخة: 25 شخصاً هم: (8 رجال و14 سيدة و3 أطفال).
-تعذيب في سجون إدارة العمليات العسكرية “وزارتي الدفاع والداخلية”: 37 رجلاً.
-تعذيب في سجون فصائل الجيش الوطني: 2 رجال.
-على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”: 26 رجلاً.
-بقصف إسرائيلي: 28 رجلاً.
-بقصف تركي: 129 شخصاً هم: (90 رجال و10 سيدات و29 طفل).
-برصاص حرس الحدود الأردني: 4 رجال.
-برصاص الجندرما التركية: 1 رجل.
-انفجارات ألغام/عبوات ناسفة: 42 شخصاً هم: (29 رجال و4 سيدات و9 أطفال).
-على يد قسد: 11 شخصاً هم: (3 رجال و3 سيدات و5 أطفال).
-جرائم القتل: 283 شخصاً هم: (215 رجال و48 سيدة و20 طفلاً).
-برصاص مجهولين: 463 شخصأ هم: (420 رجال و24 سيدات و19 أطفال).
-رصاص إدارة العمليات العسكرية “وزارتي الدفاع والداخلية” : 118 شخصاً هم: (113 رجال و2 سيدة و3 أطفال).
-بمخلفات الحرب: 510 شخصاً هم: (355 رجال و33 سيدة و122 طفلاً).
مجازر الإعدام الميداني: 2133 حالة قتل على الهوية والانتماء
واحدة من أبرز ملامح هذه المرحلة المأساوية هي تصاعد الإعدامات الميدانية والقتل على الهوية، والتي وثّقها المرصد بـ2133 حالة، ارتُكبت بطرق وصفت بـ”الوحشية”، معظمها تم خلال شهر آذار الذي شهد لوحده 1726 حالة تصفية، بالتوازي مع هجمات شنّها مسلحون على حواجز أمنية وعسكرية في الساحل السوري بتاريخ 6 آذار.
وتوزعت هذه الحالات على النحو التالي:
من 8 كانون الأول وحتى نهاية 2024: 141 حالة.
كانون الثاني 2025: 74 حالة.
شباط 2025: 60 حالة.
آذار 2025: 1726 حالة.
نيسان 2025: 75 حالة.
أيار 2025: 41 حالة.
حتى السادس من حزيران 2025: 16 حالة.
القتلى الغير مدنيين 1886
-عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”: 23
-عناصر إدارة العمليات العسكرية “وزارتي الدفاع والداخلية”: 496
-قوات سوريا الديمقراطية والتشكيلات العسكرية التابعة لها: 252
-فصائل مقاتلة وإسلامية: 627
-مسلحون محليون: 367
-عسكريون سابقون في قوات النظام: 83
-غير ذلك: 20
-مسلحون موالون لإيران غير سوريين: 10
-قتلى أتراك: 8
وقال المرصد: بعد ستة أشهر من سقوط النظام السوري، تستمر الانتهاكات الجسيمة بحق الحياة وحقوق الإنسان، وسط تعدد الجهات الفاعلة وغياب محاسبة حقيقية. يكشف التقرير عن استمرار دوامة العنف والإفلات من العقاب، مما يعمّق الأزمة البنيوية في مؤسسات الدولة ويهدد فرص السلام الدائم.
ودعا المرصد السوري لحقوق الإنسان، استنادا على التقرير إلى تشكيل آلية تحقيق مستقلة، وفرض احترام القانون الدولي من قبل جميع الأطراف، وضمان عدالة كاملة للضحايا، إضافة إلى جهود التوعية ونزع السلاح وإزالة مخلفات الحرب.