العطش يهدد شهرزور: جفاف مشروع مائي رئيسي يجبر الآلاف على شراء المياه

أربيل (كوردستان24)- يعيش سكان قضاء شهرزور وناحيتي عربت وزراين في محافظة السليمانية باقليم كوردستان العراق، الذين يتجاوز عددهم 200 ألف نسمة، أزمة مياه حادة تهدد حياتهم اليومية، وذلك عقب انخفاض كارثي بنسبة 90% في منسوب المياه لمشروع بستانسور الاستراتيجي. هذا الوضع المأساوي أجبر آلاف الأسر على اللجوء إلى شراء المياه من الصهاريج الخاصة بأسعار باهظة لتأمين أبسط احتياجاتهم.

معاناة يومية وسوق سوداء للمياه

في شوارع المنطقة، لم يعد مشهد صهاريج المياه المتنقلة غريباً. فقد أصبح الاعتماد عليها ضرورة لا مفر منها بعد أن أصبحت إمدادات المياه الحكومية شحيحة وغير كافية. يقول أحد سكان شهرزور: "مياه البلدية التي تصلنا لا تكفي حتى لملء نصف خزان المنزل. نضطر كل بضعة أيام لشراء صهريج ماء بتكلفة تتراوح بين 7,000 و 10,000 دينار".

يؤكد اكو وهو سائق أحد الصهاريج هذا الواقع، قائلاً: "نتلقى عشرات الاتصالات يومياً من سكان في شهرزور وزراين. الطلب كبير جداً، والأسعار تختلف حسب المسافة، وقد تصل إلى 12,000 دينار للصهريج الواحد".

 

جفاف الشريان المائي الرئيسي

يعد مشروع ماء بستانسور العصب المائي للمنطقة، حيث يغذي قضاء شهرزور وناحيتي عربت وزراين، بالإضافة إلى مجمعات سكنية وعشرات القرى المجاورة. لكن مشهد الخزان الذي جف قاعه تماماً وأصبح ممراً يمكن عبوره سيراً على الأقدام، يلخص حجم الكارثة.

يكشف مدير المشروع، رمضان عارف، عن أبعاد الأزمة بالأرقام، قائلاً: "أحد مصادرنا الرئيسية شهد انخفاضاً في منسوبه بنسبة 90%، بينما انخفض الآخر بنسبة 70%. كحل بديل ومؤقت، نعتمد على مشروع ماء سياسان الذي يزودنا بـ 200 متر مكعب من المياه في الساعة، وهي كمية لا تفي بالغرض".

تداعيات تطال الزراعة وإجراءات عقابية

لم تقتصر الأزمة على مياه الشرب، بل امتدت لتلقي بظلالها على القطاع الزراعي. المزارع قادر حمد من قرية بستانسور يقول بحسرة: "آثرنا هذا العام عدم استخدام المياه لسقاية مزروعاتنا، وفضلنا تركها للسكان، حتى لا تتفاقم معاناتهم".

وفي محاولة للسيطرة على الهدر، اتخذت السلطات إجراءات عقابية. حيث انخفض الإنتاج اليومي للمشروع من 20,000 متر مكعب إلى 12,000 متر مكعب فقط. وخلال الشهرين الماضيين، تم تحرير 257 مخالفة بحق أسر متهمة بهدر المياه، بغرامة بلغت 50 ألف دينار لكل منها.

وبينما تم تقليص ساعات ضخ المياه للمنطقة بأكملها، تعيش بعض الأحياء حالة جفاف تام، حيث لا تصلها المياه على الإطلاق. وفي ظل هذه الأزمة، التي تعكس تحديات أوسع تتعلق بتغير المناخ وإدارة الموارد المائية في المنطقة، يبقى السؤال معلقاً حول الحلول الجذرية التي يمكن أن تنقذ المنطقة من شبح العطش الذي بات يطرق أبوابهم بقوة.

تقرير: اسان محمد – كوردستان24

 
 
Fly Erbil Advertisment