سوريا على مفترق طرق: القوى الإقليمية ترسم المصير بعيدًا عن السوريين

أربيل (كوردستان24)- في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية، يبرز تساؤل محوري حول هوية صانع القرار الحقيقي في مستقبل البلاد. فبينما يتم الحديث عن "دستور مؤقت" و "مؤتمر وطني" وانتخابات قادمة، يتم إقصاء المكون الكوردي بشكل ممنهج، وسط تهديدات بعملية عسكرية مشتركة بين أنقرة ودمشق تستهدف قوات سوريا الديمقراطية.
في هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السیاسي الكوردي فاروق حاج مصطفى، مدير منظمة "برجاف"، خلال أستضافته بأحدى النشرات الاخبارية لكوردستان24، أن القرار بشأن مستقبل سوريا لم يعد في أيدي السوريين أنفسهم، بل أصبح مرهونًا بتوازنات القوى الإقليمية الفاعلة.
من يمسك بزمام الأمور؟
"في سوريا، هناك ثلاث أو أربع دول قوية هي التي تتخذ القرارات الحاسمة، وليس حكومة أحمد الشرع"، هكذا يوضح حاج مصطفى، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية الحالية تفتقر إلى القوة والإرادة اللازمة لرسم مستقبل البلاد بشكل مستقل. ويضيف: "نفوذ تركيا كبير جدًا، حتى أن بعض الدول العربية تتعامل مع الملف السوري من خلال أنقرة".
وعلى الرغم من التصريحات والتهديدات المتكررة من قبل مسؤولين أتراك، مثل دولت بهجلي، بشن هجوم على مناطق روج ئافا- غرب كوردستان (شمال وشرق سوريا)، يعتقد حاجي مصطفى أن هذه التصريحات موجهة للاستهلاك الداخلي التركي أكثر من كونها تهديدًا جديًا. ويؤكد: "تركيا لا تستطيع شن هجوم على قوات سوريا الديمقراطية بشكل منفرد، فالوضع في سوريا اليوم ليس كما كان في عهد بشار الأسد".
توازن القوى الإقليمية
بحسب فاروق حاجي مصطفى، فإن أي تحرك عسكري يخضع لتوازنات معقدة، حيث تلعب دول أخرى أدوارًا محورية. ويشير إلى أن "إسرائيل تعارض الهيمنة التركية في سوريا"، وهو ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد على المشهد. ويؤكد أن جميع القوى الإقليمية، بما فيها إسرائيل والأردن والعراق، ترغب في رؤية سوريا مستقرة لا تشكل تهديدًا لجيرانها.
هذا التوازن الدقيق هو ما يمنع، من وجهة نظره، أي طرف من إطلاق رصاصة واحدة قد تغير قواعد اللعبة السياسية الحالية، خاصة مع سعي جميع الأطراف لعرض قضاياهم أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
مستقبل سوريا.. فيدرالية وديمقراطية
يختتم فاروق حاج مصطفى حديثه بالتأكيد على أن الحل الوحيد لمشاكل سوريا يكمن في تأسيس نظام ديمقراطي فيدرالي. ويقول: "سوريا لن تستقر بدون الفيدرالية واللامركزية. يجب أن تشارك جميع المكونات، من كورد ودروز وعلويين وشركس وسريان، وحتى النساء، في صياغة مستقبل البلاد".
ويشدد على أن الحقوق الدستورية للشعب الكوردي، الذي يناضل منذ أكثر من قرن، ليست شعارات عاطفية بل هي حق سيادي في تقرير المصير، ويجب أن يتم تضمينها في أي حل مستقبلي لضمان بناء دولة مستقرة وعادلة لجميع أبنائها.