ألم ودموع" بعد الانهيار الأرضي المميت في غرب السودان

أربيل (كوردستان24)- ضربت ثلاثة انهيارات أرضية مفاجئة الأسبوع الماضي قرية ترسين الجبلية النائية في إقليم دارفور بغرب السودان، ما أدى إلى إغراق منازل وحيوانات ومئات العائلات تحت الطين.
وقال مدير العمليات في منظمة "أنقذوا الأطفال" فرانشيسكو لانينو لوكالة فرانس برس عبر تطبيق زوم من مدينة بورتسودان بعد وصول فريق من المنظمة الخيرية إلى القرية المدمرة في منطقة جبل مَرَّة بالسودان: "لقد فقد الناس كل شيء".
تشبّعت الجبال فوق القرية بمياه الأمطار الغزيرة حتى انهار التل في غضون ثوانٍ، ما أدى إلى دفن ترسين بمن فيها.
وأضاف لانينو "عندما وصل أفراد فريقنا إلى القرية، كان من الصعب عليهم بطبيعة الحال أن يتخيلوا أن تحت الطين قرية بأكملها ومئات الجثث".
وتشير أحدث حصيلة صادرة عن السلطات المحلية ومنظمة "أنقذوا الأطفال" إلى انتشال 373 جثة، غالبيتها لأطفال.
لكن يُعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، وقد يتجاوز الألف.
وبحسب "أنقذوا الأطفال"، لم يتم العثور حتى الآن سوى على 150 ناجيا، بينهم 40 طفلا، من ترسين والقرى المحيطة بها.
- يحفرون بأيديهم -
قال لانينو "هناك كثير من الألم والدموع" في المنطقة، لافتا إلى أن الأهالي "فقدوا العديد من أقاربهم، والعديد من أطفالهم. وبالطبع لا يعرفون... كيف بإمكانهم إنقاذهم أو انتشال جثثهم".
ويشرح أنه بسبب عدم توافر الأدوات والآلات، اضطر الناجون إلى الحفر في الطين بأيديهم العارية، بحثا بيأس عن أحبائهم المفقودين.
أما "الناجون فقد بقوا بدون مأوى وطعام وماشية، بقوا بلا شيء".
وأهالي القرية المنكوبة "لا يعرفون إلى أين يتجهون، فجميع المناطق متأثرة بالأمطار الغزيرة. لا يعرفون حقا أي مكان آمن يقصدونه"، وفق فرانشيسكو لانينو.
على مدى ثلاثة أيام، تعرضت قرية ترسين والتجمعات المجاورة لثلاثة انهيارات أرضية منفصلة.
وقع الانهيار الأول عند الساعة الخامسة مساء (15,00 ت غ) الأحد فأتى على ترسين في ثوانٍ، وغمر القرية بأكملها عند سفح الجبل.
وتبعه انهياران أرضيان الاثنين والثلاثاء، وقع أحدهما في وادٍ قريب، وحدث الآخر بينما كان الناجون يحاولون انتشال الجثث من الكارثة الأولى.
يشرح لانينو أن "أناسا كثيرين ما زالوا خائفين من احتمال حدوث انهيار أرضي جديد"، فقد "سمعوا بعض الأصوات الآتية من باطن الجبال".
وبالإضافة إلى هطول أمطار غزيرة، تعد منطقة جبل مرة واحدة من أكثر المناطق نشاطا جيولوجيا في السودان، اذ تقع فوق خط صدع تكتوني رئيسي.
حذّرت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية السودانية من أن الانهيارات الأرضية قد تؤدي إلى عواقب إنسانية وبيئية "كارثية".
كما تسببت الانهيارات الطينية في نفوق نحو خمسة آلاف رأس من الماشية، تشمل الأبقار والماعز والإبل، ما ترك أسرا بلا طعام أو دخل.
وأرسلت منظمة "أنقذوا الأطفال" 11 موظفا، بينهم أطباء وممرضات وقابلات وعاملون اجتماعيون إلى قرية ترسين.
بعد السفر لمدة عشر ساعات شاقة على ظهور الدواب من بلدة قولو النائية عبر تضاريس وعرة بلا طرق وتحت أمطار غزيرة، وصل الفريق الخميس.
- مخاوف من الكوليرا -
أنشأت المنظمة غير الحكومية مركزا صحيا طارئا إلى جانب تنظيم مجموعات دعم نفسي واجتماعي للنساء والأطفال.
لكن التحديات لا تزال هائلة. فمع تلويث الفيضانات لمصادر المياه، أصبحت الكوليرا الآن تهديدا خطيرا.
يوضح مدير العمليات في المنظمة أنه "تم بالفعل تسجيل بعض حالات الكوليرا في المنطقة. لذلك، نحن قلقون للغاية من احتمال تفشي وباء الكوليرا بشكل واسع النطاق بين الناجين، وفي جميع المناطق المجاورة".
وتضمنت الطلبات العاجلة التي قدمها الناجون الغذاء والبطانيات والمأوى.
وقعت الانهيارات الأرضية خلال موسم ذروة الفيضانات في السودان الذي يمتد من تموز/يوليو إلى تشرين الأول/أكتوبر، وفي خضم حرب تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث وفق الأمم المتحدة.
وأدى أكثر من عامين من القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين وترك بعض المناطق تعاني المجاعة والكوليرا.
وتقع منطقة جبل مرة التي ليس فيها شبكة للهاتف المحمول أو طرق مهيّأة، تحت سيطرة حركة/جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وهي جماعة مسلحة نأت بنفسها إلى حد كبير من النزاع الدائر.
AFP