نحو 250 ألف فلسطيني عادوا إلى مدينة غزة المدمّرة مع استمرار وقف إطلاق النار

أربيل (كوردستان24)- عاد آلاف الفلسطينيين النازحين السبت إلى مدينة غزة المدمّرة في اليوم الثاني من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وغلبت الصدمة كثيرين منهم أمام حجم الدمار، في حين شعر آخرون بالارتياح لأن منازلهم لا تزال قائمة.
وأعلنت إسرائيل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة وسحبت قواتها من مناطق في القطاع، ما دفع حشودا من السكان المنهكين للعودة شمالا على طول الطريق الساحلية.
واستغلت رجا سلمي الهدنة لتعود سيرا إلى بيتها في مدينة غزة، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي بالقصف والعمليات البرية على مدى أسابيع مناطق قال إنها كانت تؤوي مقاتلين من حركة حماس.
وقالت سلمي لوكالة فرانس برس "مشينا ساعات طويلة، وكل خطوة كانت مليئة بالخوف والقلق على منزلي". لكن عندما وصلت إلى حيّ الرمال، وجدت أن بيتها "لم يعد موجودا، مجرد كومة من الركام".
وأضافت "وقفت أبكي أمامه... كل الذكريات تحوّلت إلى غبار".
وقال المسؤول في الدفاع المدني في غزة محمد المغيّر إن نحو 50 ألف شخص عادوا إلى مدينة غزة السبت، ليرتفع عدد العائدين منذ يوم الجمعة إلى نحو 250 ألفا.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستُفرج حماس عن 47 رهينة، أحياء وأموات، من أصل 251 اختطفوا في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إضافة إلى رفات رهينة احتجز في العام 2014.
وفي المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلا فلسطينيا محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.
- لا قوات أميركية -
مع انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق اعتبارا من ظهر الجمعة، بدأت مهلة ال72 ساعة أمام حماس لإطلاق سراح الرهائن.
وأشادت حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باتفاق وقف إطلاق النار، معتبرة أنه "كسر أهداف" إسرائيل "في فرض التهجير والاقتلاع" على الفلسطينيين في قطاع غزة.
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصحافيين الجمعة إنه يعتقد أن وقف إطلاق النار "سيصمد"، مشيرا إلى أن الطرفين سئما القتال، ومؤكدا عزمه على زيارة إسرائيل ومصر في وقت وشيك.
غير أن العديد من بنود الخطة التي قدمها ترامب لا تزال قيد النقاش، بما في ذلك ما يتعلق بإدارة مرحلة ما بعد الحرب ومطلبه نزع سلاح حركة حماس، وهو ما أبدت الحركة معارضتها له.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" باللغة الإنكليزية: "لن نُسلِّم سلاحنا... (إلّا) عندما نحصل على دولة مستقلة ذات سيادة قادرة على الدفاع عن نفسها".
وتنصّ خطة ترامب أيضا على إنشاء قوة دولية لتوفير الأمن في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، قال قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر السبت إنه زار قطاع غزة لبحث سبل إرساء الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لن تُنشر أي قوات أميركية في الأراضي الفلسطينية.
ويأتي هذا التصريح غداة إعلان مسؤولين أميركيين كبار إنّ واشنطن سترسل إلى الشرق الأوسط فريقا مكوّنا من 200 عسكري أميركي لـ"الإشراف" على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
لكنّ مسؤولا أميركيا كبيرا أكّد أنّ "لا نيّة لنشر جنود أميركيين في غزة"، موضحا أنّ مسؤولين عسكريين مصريين وقطريين وأتراكا وربّما أيضا إماراتيين سينضمّون إلى الفريق.
- مدينة أشباح -
في مستشفى الرنتيسي للأطفال ومرضى السرطان، أظهرت صور لوكالة فرانس برس قاعات مدمّرة بالكامل، وأسِرّة مقلوبة وسقوفا منهارة ومعدات طبية متناثرة.
وقال أحد العائدين ويدعى ساهر أبو العطا "لا أجد كلمات تصف ما أراه... دمار، دمار، ومزيد من الدمار".
وأعلنت الأمم المتحدة قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير حالة المجاعة في مدينة غزة، في أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن إسرائيل منحت الضوء الأخضر لإدخال 170 ألف طن من المساعدات في إطار خطة استجابة إنسانية في الأيام الستين الأولى من الهدنة.
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن "الاحتياجات الأساسية في غزة لا تزال عاجلة: معدات طبية، أدوية، غذاء، مياه، وقود ومأوى مناسب لمليوني شخص سيواجهون الشتاء بلا سقف".
يتنقّل رجال ونساء وأطفال بين الركام، يبحثون عن بقايا منازلهم وسط كتل الإسمنت المنهارة والسيارات المحطمة.
وعاد بعضهم بسيارات، فيما عبر آخرون الطريق سيرا حاملين حقائبهم.
وقال سامي موسى (28 عاما) لفرانس برس "الحمد لله، وجدت بيتنا لا يزال واقفا رغم الأضرار التي يمكن إصلاحها"، مضيفا "غزة تبدو مدينة أشباح... رائحة الموت ما زالت في الهواء، لكننا سنعيد البناء".
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية بما لا يقل عن 67682 شخصا، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ويُظهر الإحصاء أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
AFP