الميليشيات في العراق: دولة موازية بأجندات متعددة تقوض سيادة الدولة

أربيل (كوردستان 24)- تنتشر في العراق عشرات الجماعات والميليشيات المسلحة التي تعمل تحت أسماء وأعلام مختلفة، وتنفذ أجندات متنوعة غالبًا ما تكون مرتبطة بقوى خارجية.
يُعتبر وجود هذه الجماعات سببًا رئيسيًا في تآكل مؤسسات الدولة العراقية، حيث اكتسبت على مر السنين نفوذًا اقتصاديًا وعسكريًا هائلاً، لتتحول إلى ما يشبه "دولة موازية" تعمل بالتوازي مع، وفي كثير من الأحيان، خارج سلطة الدولة الرسمية.
نشأة وتطور الميليشيات
تعود جذور تأسيس العديد من هذه الجماعات إلى ما بعد عام 2003، حيث تشكل بعضها بهدف مقاومة القوات الأمريكية والتحالف الدولي.
ومع ذلك، شهد عام 2014 نقطة تحول كبرى مع ظهور تنظيم داعش، حيث أدت فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني إلى تشكيل "الحشد الشعبي"، الذي انضمت إليه فصائل مسلحة قائمة وأخرى جديدة.
ورغم أن البرلمان العراقي أقر قانونًا في عام 2016 يدمج الحشد الشعبي ضمن المنظومة الأمنية للدولة، إلا أن العديد من هذه الفصائل لا تزال تعمل بشكل مستقل وخارج إطار سيطرة الحكومة العراقية.
أبرز الفصائل المسلحة ونفوذها
يُقدر عدد الجماعات المسلحة في العراق بنحو 67 فصيلاً مسلحاً، يمكن تقسيمها بشكل عام إلى فئتين رئيسيتين:
الفصائل الولائية (44 فصيلاً): وهي الجماعات التي تدين بالولاء لأجندات خارجية، وتحديدًا إيران.
فصائل المرجعية (23 فصيلاً): وهي التي تتبع فتوى المرجعية الدينية في النجف.
تتلقى هذه الجماعات ميزانية سنوية ضخمة من الدولة تُقدر بحوالي 4.5 تريليون دينار عراقي، بالإضافة إلى مصادر تمويل أخرى عبر سيطرتها على المنافذ الحدودية وفرض الجمارك والضرائب.
ومن أبرز هذه الفصائل:
منظمة بدر: تأسست عام 1982 وتعد من أقدم وأقوى الفصائل المقربة من إيران.
كتائب حزب الله: تأسست عام 2003 وتضم حوالي 30 ألف مقاتل، وهي مدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية.
عصائب أهل الحق: انشقت عن جيش المهدي عام 2006، ويقدر عدد مقاتليها بنحو 10 آلاف.
سرايا السلام (جيش المهدي سابقًا): تأسست عام 2003 بقيادة مقتدى الصدر، وأعيد تفعيلها في 2014.
فصائل أخرى بارزة: تشمل سرايا الخراساني، وحركة النجباء، ولواء أبو الفضل العباس، وغيرها.
هيمنة متعددة الأوجه
لا يقتصر نفوذ هذه الميليشيات على الجانب العسكري فحسب، بل يمتد ليشمل هيمنة ثلاثية الأبعاد:
هيمنة سياسية: تؤثر بشكل كبير على القرارات السياسية وتعيق عمل الحكومة.
هيمنة عسكرية: تمتلك ترسانة أسلحة كبيرة وتعمل كجيش موازٍ.
هيمنة إدارية: تسيطر على مفاصل مهمة في الدولة وتدير شبكات اقتصادية واسعة.
إن وجود هذه الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة لا يهدد فقط الاستقرار الداخلي، بل ألحق ضررًا كبيرًا بمكانة العراق على الساحة الدولية، وجعله ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.
إعداد: كوردستان24