قطاع الصحة العراقي: إقليم كوردستان وجهة للعلاج.. وبغداد في ذيل الترتيب العالمي

أربيل (كوردستان 24)- في مشهد يعكس تبايناً صارخاً داخل دولة واحدة، يرسم قطاع الرعاية الصحية في العراق صورة منقسمة؛ فبينما يخطو إقليم كوردستان خطوات متسارعة نحو بناء نظام صحي متطور، يرزح القطاع في بقية المحافظات تحت وطأة عقود من الإهمال والفساد، ما حوّل الإقليم إلى قبلة للباحثين عن العلاج، ودفع العاصمة بغداد إلى مراتب متأخرة في مؤشرات الرعاية الصحية العالمية.
كوردستان: استثمار في الإنسان والبنيان
أولت حكومة إقليم كوردستان اهتماماً استثنائياً بالقطاع الصحي، مترجمةً خططها إلى بنية تحتية قوية وخدمات طبية متنامية.
وتكشف الأرقام عن حجم هذا التطور، حيث يضم الإقليم اليوم 135 مستشفى (83 حكومياً و52 خاصاً)، مدعومة بشبكة واسعة تضم أكثر من 1047 مركزاً صحياً تغطي المدن والأرياف.
هذا التوسع لم يكن كمياً فحسب، بل شمل النوعية أيضاً، مع افتتاح مراكز تخصصية حديثة كمراكز علاج السرطان في دهوك، وتطوير المستشفيات في أربيل والسليمانية.
وقد انعكست هذه النهضة بشكل مباشر على المواطنين، حيث انخفضت أعداد المسافرين من الإقليم للعلاج في الخارج بشكل ملحوظ.
وعلى الصعيد التشريعي، عزز برلمان كوردستان هذا التوجه بإقرار "قانون حقوق وواجبات المريض"، في خطوة تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المريض والمؤسسة الطبية وضمان جودة الخدمة.
العراق الاتحادي: نظام صحي يصارع للبقاء
على النقيض تماماً، يعاني النظام الصحي الاتحادي من تدهور حاد ومشاكل مزمنة.
وتؤكد التصنيفات الدولية هذه الحقيقة المرة؛ ففي مؤشر الرعاية الصحية لعام 2023، حلّ العراق في المرتبة 79 عالمياً، محققاً 33.84 نقطة فقط من أصل 100.
أما الكارثة الأكبر فكانت من نصيب العاصمة بغداد التي احتلت المرتبة الأخيرة عالمياً في المؤشر ذاته لعام 2025، في دلالة واضحة على انهيار منظومة الخدمات.
ويشير الخبراء إلى أن هذا التدهور ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج تراكمي لعدة عوامل قاتلة، أبرزها:
الفساد المالي والإداري: الذي حوّل ميزانيات الصحة إلى جيوب الفاسدين بدلاً من أسرة المرضى.
تهالك البنية التحتية: حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الصيانة والتجهيزات الحديثة.
هجرة الكفاءات الطبية: إذ أدت الظروف الصعبة إلى نزيف مستمر في العقول الطبية العراقية.
الصراعات السياسية والأمنية: التي دمرت ما تبقى من المؤسسات الصحية وأعاقت أي محاولة جادة للتطوير.
هذا الانقسام العميق في مستوى الرعاية الصحية يدفع اليوم آلاف العراقيين من مختلف المحافظات إلى شد الرحال نحو إقليم كوردستان، ليس للسياحة، بل بحثاً عن حق أساسي في العلاج.
واقع يطرح سؤالاً ملحاً حول مستقبل الصحة في العراق، ويسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى إصلاحات جذرية تعيد الثقة والعافية إلى نظام صحي بات في غرفة العناية المركزة.
إعداد: كوردستان24