الديوانية.. مدينة على حافة الانهيار: نفايات وإهمال ومشاريع وهمية منذ عقدين
أربيل (كوردستان 24)- شوارع مدمرة، أكوام نفايات تمتد على مد البصر، وأطفال يبحثون عن قوت يومهم بين القمامة.
هذا ليس مشهداً من مدينة منكوبة بفعل كارثة طبيعية أو حرب، بل هو الواقع المرير الذي يعيشه سكان محافظة الديوانية العراقية منذ أكثر من عشرين عاماً، صورة قاتمة لمدينة تُركت لمصيرها رغم الميزانيات المليارية.
بمجرد دخولك الديوانية، تصطدم عيناك بمشاهد الإهمال التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هوية المدينة. الطرقات غير المكتملة والمشاريع المتوقفة منذ عام 2003 تحكي قصة مدينة تتدهور يوماً بعد يوم، حتى بات سكانها يصفونها بـ "غزة العراق"، في إشارة ساخرة إلى أن ما تعانيه يفوق ما تعيشه المدن المحاصرة.
يقول أحد سائقي سيارات الأجرة بمرارة: "الديوانية كلها متعبة، لا توجد أي خدمات. لا تبليط، لا مجاري، لا شيء. انظر بنفسك إلى هذا الشارع!" مشيراً إلى طريق تحول إلى مكب للنفايات.
هذا الواقع المأساوي جعل من مكبات القمامة "البيت الثاني" لأطفال المدينة، حيث يقضي العديد منهم ساعات طويلة يومياً في نبش النفايات بحثاً عن أي شيء يمكن بيعه لإعالة أسرهم.
الغضب والإحباط يسودان الشارع الديواني. رجل مسن، وهو سائق أيضاً، يصرخ من داخل سيارته متوجهاً بحديثه للمسؤولين: "أريد أن أذهب إلى الطبيب، لكن روحي تخرج قبل أن أصل. لو تركوها على حالها القديم لكان أفضل! يا سوداني، كفى زيارات لبغداد وتعال لترى حال الديوانية!".
في حي "النور"، المفارقة تبلغ ذروتها، فلا وجود للنور أو أبسط الخدمات. ويقارن أحد أصحاب المحال الوضع بمأساة غزة، قائلاً: "مأساتنا أكبر. أهل غزة لديهم عذر الاحتلال، فما هو عذرنا نحن؟ ما هو عذر المحافظ ومجلس المحافظة؟ هل المنافذ مغلقة علينا؟".
المثير للدهشة هو حجم الميزانيات المخصصة للمحافظة، فبين عامي 2022 و2025، بلغت ميزانية الديوانية تريليوني دينار عراقي (حوالي 1.5 مليار دولار)، خُصص منها مئات المليارات لمشاريع التنمية والخدمات. لكن على أرض الواقع، يبقى السؤال معلقاً في شوارع الديوانية الموحلة: أين ذهبت كل هذه الأموال؟
تقریر: دیلان بارزان – كوردستان24 - الدیوانیة