الأهوار تُحتَضر.. جفافٌ غير مسبوق يهدّد الإنسان والحيوان جنوبي العراق

أربيل (كوردستان 24)- تشهد مناطق الأهوار في جنوب العراق كارثة بيئية غير مسبوقة، إذ تواصل مساحات المياه الانحسار بوتيرة سريعة، وسط تجاهل رسمي واضح للمخاطر التي تهدد حياة الإنسان والحيوان معاً.

ففي قضاء "القرنة" و"الجبايش" و"كرمة بن سعيد"، تحولت أجزاء واسعة من الأهوار إلى أراضٍ متشققة قاحلة، بعدما كانت قبل أعوام قليلة موطناً للطيور والأسماك ومصدر رزق لآلاف العائلات.

جفاف يلتهم الحياة

يقول أحد سكان الأهوار، من أهالي منطقة المهيسي، لمراسل كوردستان24:
"كنا نملك 40 أو 50 رأس جاموس، اليوم لم يبقَ لنا سوى 15 أو 20 بالكاد. الماء انخفض، العلف انتهى، والأسماك ماتت. الناس باعت حلالها وهاجرت إلى المدن."

ويضيف بحسرة:
"العام الماضي كان الخير كثيراً، كنا نعيش من الأهوار، نحلب الجاموس ونبيع السمك. لكن هذا العام لا يوجد ماء ولا حياة. حتى المواليد الصغيرة من الجاموس تموت من العطش والجوع."

أرقام صادمة

تُظهر البيانات المحلية تراجع أعداد الجاموس في الأهوار من 33 ألف رأس إلى أقل من 18 ألفاً خلال فترة قصيرة، بسبب الجفاف وارتفاع نسبة الملوحة التي تجاوزت 3 بالألف في بعض المناطق، ما جعل المياه غير صالحة لا للشرب ولا للاستخدام الحيواني.

كما سُجلت حالات نفوق جماعي للأسماك، وتزايدت الهجرة الداخلية من القرى المائية نحو المدن القريبة، بحثاً عن مصادر رزق ومياه نظيفة.

تحذيرات من كارثة إنسانية

السلطات المحلية في قضاء كرمة بن سعيد وجهت نداءً عاجلاً للحكومة والوزارات المعنية، مطالبة بإطلاق الحصص المائية وإنقاذ ما تبقى من الثروة الحيوانية والبيئية.

وقال أحد المسؤولين المحليين: "نحن أمام خطر حقيقي. نسبة الملوحة ترتفع، الأرض تتشقق، والناس تهجر بيوتها. نحتاج إلى وقفة وطنية عاجلة قبل أن تفقد الأهوار ما تبقى من حياتها."

صرخة من أرض تموت عطشاً

ما يحدث اليوم في الأهوار ليس مجرد أزمة موسمية، بل تهديد وجودي لمنطقة تعد من أقدم النظم البيئية في العالم.

المشهد هناك مؤلم: جاموس نافق، صيادون بلا رزق، ومياه تتراجع يوماً بعد يوم.

ما يجري في الأهوار هو صرخة استغاثة من أرض كانت يوماً جنة الجنوب، واليوم تصارع للبقاء... تحتاج إلى تحرك وطني عاجل قبل أن تفقد طبيعتها وسكانها إلى الأبد.

تقریر: حيدر حنون - الناصرية – كوردستان24

 
Fly Erbil Advertisment