5 ملايين اسم في قوائم الموتى.. فضيحة «المرضى الأشباح» تهزُّ بريطانيا

أربيل (كوردستان 24)- في واحدة من أكبر الأزمات الإدارية داخل قطاع الصحة البريطاني، كشفت صحيفة "ديلي ميل" عن وجود نحو 5 ملايين مريض “شبح” لا يزالون مسجلين لدى أطباء الأسرة في إنجلترا، رغم وفاتهم أو انتقالهم إلى الخارج أو تكرار أسمائهم في السجلات.

تقرير الصحيفة أوضح أن عدد الأسماء غير الحقيقية في سجلات الأطباء تضاعف بنسبة تقارب 95% خلال عقد واحد، ليصل إلى رقم غير مسبوق يعادل مجموع سكان مقاطعات كينت وإسيكس وهامبشاير.

ويُقدّر أن العيادات تتلقى ما يزيد على 838 مليون جنيه إسترليني سنويًا مقابل هؤلاء المرضى الوهميين، إذ يحصل الطبيب العام في المتوسط على نحو 170 جنيهًا عن كل مريض مسجل، سواء تمت معاينته أم لا.

وفي بعض المناطق، تشير التحليلات إلى أن واحدًا من كل خمسة أسماء في السجلات لا وجود له على أرض الواقع، ما أثار تساؤلات حادة داخل الأوساط السياسية حول دقة البيانات وآليات الرقابة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).

هيئة مكافحة الاحتيال التابعة لـNHS كانت قد بدأت تحقيقًا في عام 2019، لكنها علّقته مع تفشي جائحة كورونا، بينما ألمحت مصادر إلى احتمال إعادة فتح الملف مستقبلًا، وفق صحيفة العين.

وبالرغم من عدم وجود دليل على تلاعب الأطباء عمدًا، فإن بعض الخبراء يؤكدون أن ضعف أنظمة التحديث الإداري وسوء التنسيق بين الجهات المسؤولة سمحا بتضخم الأعداد دون رقابة حقيقية.

تعمل معظم عيادات الطب العام في إنجلترا كمؤسسات خاصة متعاقدة مع النظام الصحي، وتذهب الأموال التي تتلقاها عادة لتغطية تكاليف التشغيل من رواتب وصيانة ومستلزمات، لكن منتقدين حذروا من أن استمرار الوضع يمنح الانطباع بوجود تمويل وهمي يبتلع موارد ضخمة يمكن أن تدرّب عشرات الآلاف من الممرضين الجدد.

تبريرات وتحذيرات متضاربة

ونفت الجهات الطبية من جانبها أي نية للاستفادة من القوائم المتضخمة، مؤكدة أن الظاهرة ناتجة عن “طبيعة الحركة السكانية” وصعوبة تتبع من يغادر البلاد أو يغيّر عنوانه.

وأوضحت الكلية الملكية للأطباء العامين أن استمرار تسجيل المتوفين أو المغتربين هو نتيجة ثغرات تنظيمية لا احتيالًا متعمدًا، وأن مراجعة القوائم تتطلب موارد بشرية وتقنية غير متوفرة حاليًا.

في المقابل، انتقد سياسيون بطء الحكومة في إصلاح النظام، واصفينه بأنه “غير قادر على معرفة من يخدمه فعليًا”، فيما طالبت لجنة الحسابات العامة بإصلاح شامل للبنية التكنولوجية والإدارية داخل الهيئة، لتفادي “تكرار هذا العبث المالي والإداري”.

ابتداءً من سبتمبر/ أيلول الماضي، بدأت هيئة دعم الرعاية الصحية الأولية مراجعة دورية للسجلات بالتعاون مع شركة “كابيتا”، بحيث يُمنح الأطباء ثلاثة أشهر فقط لتأكيد إقامة المريض في عنوانه، بعد أن كانت المهلة السابقة ستة أشهر.

لكن رغم هذه الخطوة، لا تزال الأرقام الرسمية تُظهر أن عدد المسجلين لدى أطباء الأسرة يبلغ 63.8 مليون شخص، في حين أن عدد السكان الفعلي لا يتجاوز 58.8 مليون نسمة، ما يعني أن الملايين ما زالوا “أشباحًا” على الورق.

أزمة الثقة في النظام الصحي

يرى مراقبون أن القضية تكشف عن أزمة بيانات هيكلية داخل النظام الصحي البريطاني، وأنها مؤشر على ضعف التكامل بين المؤسسات الطبية والإدارية.

كما حذّر بعض الخبراء من أن بقاء هذه الفجوة قد يؤدي إلى سوء توزيع الموارد الطبية، ويعرقل خطط التوظيف والتمويل في المستشفيات والمراكز الصحية

 
Fly Erbil Advertisment