الموصل القديمة... أنقاض تتكلم: صرخات من تحت الركام تطالب بالحياة
الموصل (كوردستان24)- رغم مرور أعوام على تحريرها من قبضة تنظيم "داعش"، لا تزال الموصل القديمة ترزح تحت ثقل الدمار، حيث تختلط أصوات الحياة بأنين الحجر والأنقاض التي لم تغادر المشهد منذ عام 2017. هناك، في قلب الأزقة الضيقة، يعيش الأهالي وسط ركام لم يُرفع وذكريات حرب لم تنتهِ بعد.
في مشهدٍ وثّقته عدسة كوردستان24، تظهر امرأة من سكان الموصل القديمة محاطة بالأنقاض والنفايات التي تحاصر منزلها من كل جانب، تصرخ بمرارة: "صار لنا سنتين على هذا الحال... شوف الوسخ والخيسة والجريدي والحيايا علينا. ما حدا يجي يشيل الأنقاض!".
صرختها ليست مجرد مطالبة بالنظافة، بل نداء إنساني موجّه إلى ضمير غائب عن مدينة دفعت الثمن مرتين: مرة بالحرب، ومرة بالإهمال.
ويحذر الأهالي من خطر يهدد أطفالهم، الذين يلعبون فوق أنقاض المنازل المهدمة دون وعي بما تخفيه الأرض من قذائف وألغام لم تنفجر بعد.
تقول السيدة بقلق: "الأطفال يلعبون هنا... نخاف عليهم، خطورة على الأطفال".
ويضيف أحد الرجال من سكان الحي: "التحرير ما راح بالقوات، راح بالقصف... الصواريخ والدبابات والطائرات كلها دكت المنطقة".
تشير تقديرات وزارة البيئة العراقية إلى أن الجانب الأيمن من الموصل وحده يحتوي على نحو 13 مليون طن من أنقاض الحرب، كثير منها ما زال يضم مخلفات متفجرة، مما يجعل عملية التطهير معقّدة وطويلة الأمد.
ورغم مبادرات دولية مثل مشروع "إحياء روح الموصل" الذي أطلقته اليونسكو لترميم المعالم التراثية كجامع النوري وكنيسة الساعة وعدد من البيوت القديمة، فإن حجم الكارثة يفوق قدرات الإعمار الحالية، ولا يزال آلاف السكان بين نازحين ينتظرون العودة وآخرين يعيشون وسط أنقاض منازلهم المدمرة.
تبقى الموصل القديمة جرحاً مفتوحاً في جسد العراق، وشاهداً على معركة ما زال عنوانها "البقاء".
مدينة تنبض بالأمل رغم الركام، وتصرّ على أن تقول للعالم:
"نحن هنا... نريد الحياة."
