في اليوم العالمي للإيدز… هل يفقد العالم زمام المعركة ضد فيروس نقص المناعة؟

أربيل (كوردستان24)- في الأول من ديسمبر، اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، يدق برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة (يونسيدا) ناقوس الخطر: العالم يواجه انتكاسة غير مسبوقة في المعركة ضد HIV.

فبينما كانت البشرية تأمل في إنهاء انتشار الفيروس بحلول 2030، تظهر المؤشرات أن الطريق يسير عكس الهدف؛ الإصابات ترتفع بين الشباب، الفحوص تتراجع، والدعم المالي يتناقص. والأسوأ أن المفاهيم الخاطئة عادت لتقود المشهد وتربك حملات الوقاية.

المفهوم الأول الخاطئ: أدوية PrEP بديل كامل عن الواقي الذكري

عقار الـPrEP – المخصّص لغير المصابين بهدف الوقاية – أحدث ثورة منذ اعتماده عام 2016، إذ يمنح حماية تفوق 90% عند تناول جرعاته بانتظام. لكنه لا يلغي الحاجة للواقي الذكري، ولا يمثل “حصانة كاملة” كما يعتقد كثيرون.

هذا الخلل في الفهم انعكس على السلوك الوقائي في بعض الدول الأوروبية، حيث تراجع استخدام الواقي بين الشباب، وارتفعت الإصابات الجديدة بصورة لافتة. ففي فرنسا مثلاً، ارتفع عدد الإصابات الجديدة لدى الفئة بين 15 و24 عاماً بنسبة 41% بين 2014 و2023، إلى جانب ازدياد الأمراض الجنسية الأخرى كالزهري والكلاميديا.

 

خبراء الصحة يكررون التحذير:

PrEP يحمي… لكنه ليس بديلاً للواقي، ولا يعفي من الفحص والمتابعة الطبية.

المفهوم الثاني الخاطئ: فيروس HIV ينتقل فقط عبر العلاقات الجنسية

تركيز الخطاب العام على العلاقات الجنسية وحدها ترك أثراً مضللاً؛ فالمشكلة الكبرى اليوم ليست السلوك وحده، بل التشخيص المتأخر.

في فرنسا مثلاً، يُسجل أكثر من 5 آلاف إصابة سنوياً، يكتشف كثير منها بعد مرور سنوات على العدوى. كما تسجّل إصابات بين نساء في علاقات مستقرة، وبين كبار السن غير المشمولين عادة بحملات التوعية، وبين شباب تراجعت لديهم الفحوص بعد جائحة كورونا، بالإضافة إلى ضحايا الاعتداءات الجنسية.

العالم ما زال يسجّل أيضاً نحو 110 آلاف إصابة سنوياً بسبب انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل.

 

أما أوروبياً في 2024، فقد جاءت 45% من التشخيصات متأخرة، وتوزعت الإصابات بين:

48% لدى الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال

46% نتيجة علاقات غيرية

وتحذّر مديرة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض قائلة:

"لن نكسب المعركة ما لم يعرف كل شخص وضعه الصحي عبر فحوص أسرع وأسهل."

المفهوم الثالث الخاطئ: لم يعد هناك حاجة للاستثمار في مكافحة الإيدز

تراجع التمويل بات خطراً موازياً للفيروس نفسه.

ففي الولايات المتحدة، أدت سياسات وقف الدعم وإلغاء وكالة US AID خلال عهد ترامب إلى خسارة 60 مليار دولار من تمويل الأبحاث والمساعدات، مع توجيه بعدم استخدام أموال حكومية لإحياء اليوم العالمي للإيدز.

تقديرات الخبراء تشير إلى أن استمرار هذا التراجع خلال خمس سنوات قد يعني:

10 ملايين إصابة جديدة

3 ملايين وفاة إضافية

مليون طفل معرضون للإصابة

الدول الأخرى لم تكن أفضل حالاً؛ فكندا خفضت مساهمتها للصندوق العالمي بنسبة 17%، بينما تسجل دول عدة انهياراً في منظومات الوقاية:

أوغندا: انخفاض توزيع PrEP بنسبة 31%

فيتنام: -21%

بوروندي: -64%

نيجيريا: تراجع توزيع الواقيات 55%

إثيوبيا والكونغو: نقص حاد في اختبارات الكشف

 

وتختصر المديرة التنفيذية ليونسيدا، ويني بيانيما، الأزمة بجملة مؤلمة تقول فيها، "وراء كل رقم إنسان.. وأطفال بلا فحص، وشابات بلا وقاية، ومجتمعات تُركت بلا علاج. لا يمكن أن نتخلى عنهم."

بعد أربعة عقود على اكتشاف فيروس نقص المناعة، يبدو أن العالم يخوض المواجهة الأهم الآن: معركة الوعي لا معركة الطب فقط.

الوقاية موجودة، والعلاج متاح، لكن الاستهتار وتراجع التمويل والتشخيص المتأخر تهدد بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

السؤال لم يعد: هل نملك الأدوات؟

بل: هل ما زلنا نملك الإرادة لاستعمالها؟

 

المصدر : وكالات

 
Fly Erbil Advertisment