معاول "التحطيب الجائر" تغتال غابات زاگروس.. وسكان شرق كوردستان يهددون بحمايتها بـ"الدم"
أربيل (كوردستان24)- تواجه غابات سلسلة جبال زاگروس في شرق كوردستان (إيران) حملة إبادة شرسة، حيث وصلت أيادي مهربي الأخشاب وتجار الفحم إلى قلب هذه المحميات الطبيعية، مهددة بالقضاء على ما تبقى من الغطاء النباتي هناك.
وفي الأيام القليلة الماضية، امتدت يد التخريب بشكل مكثف إلى غابات قرية "درولة" التابعة لمدينة بانه في محافظة سنندج، حيث رصدت الكاميرات قطع مئات الأشجار المعمرة بلا رحمة، مما حول مساحات واسعة من الغابات الخضراء إلى أراضٍ جرداء، في مشهد وصفه ناشطون بـ"الكارثة".
"سنحميها بدمائنا"
أمام صمت الجهات الرسمية، أطلق سكان القرى الحدودية صرخة تحذير، مؤكدين عزمهم على تولي مسؤولية حماية غاباتهم بأنفسهم إذا لم تتدخل الحكومة لردع المهربين.
وفي هذا السياق، يقول محمد خراماني، أحد سكان قرية درولة لـ كوردستان 24: "لقد استنفدنا كل السبل وطلبنا المساعدة من جميع الجهات المعنية بلا جدوى. الآن، وبصفتي ممثلاً عن أهالي القرية، أعلن أننا مستعدون للتضحية بأرواحنا في سبيل هذه الأرض وهذه المراعي".
ويضيف خراماني بلهجة حاسمة: "لن نسمح لأي شخص، وتحت أي ذريعة، باستغلال أو حرق أو قطع شجرة واحدة هنا. إذا لم تستجب الجهات الحكومية لنداءاتنا، فنحن جاهزون لبذل دمائنا للدفاع عن طبيعة منطقتنا".
خيانة وطنية
وفور انتشار أنباء التعديات، سارع أعضاء جمعية "باجين" لحماية البيئة في مدينة بانه إلى موقع الحدث لمعاينة الأضرار. ووصف الناشطون حجم الدمار بـ"الصادم"، معتبرين المجازر التي ترتكب بحق الأشجار بمثابة "خيانة وطنية"، وموجهين نداءً لكافة المواطنين ليكونوا أكثر يقظة وحرصاً على حماية هذه الثروة.
ويقول حامد نصر اللهي، عضو جمعية باجين: "جئنا لتفقد المكان، وللأسف وجدنا جماعات منشغلة بتدمير الغابات وقطعها. إنه أمر مؤلم، فهذه الغابات هي ذاتها التي ضحى شبابنا في مدن زاگروس بأرواحهم سابقاً من أجل حمايتها من الحرائق".
وطالب نصر اللهي السلطات والادعاء العام في مدينة بانه بـ"فتح تحقيق جدي وفوري"، مناشداً أهالي المدينة أن يكونوا "العين الساهرة ضد أعداء البيئة".
من جانبها، علقت الناشطة البيئية زهرة رحماني على المشهد قائلة: "إن تدمير البلاد وتخريب طبيعتها هو خيانة للأرض والوطن. آمل أن يعود هؤلاء المخربون إلى رشدهم، وأن لا تتكرر هذه الكارثة البيئية مرة أخرى".
خطر يهدد الملايين من الهكتارات
وتبلغ مساحة غابات سلسلة جبال زاگروس نحو ستة ملايين هكتار، يقع ما يقارب ثلاثة ملايين هكتار منها داخل حدود شرق كوردستان.
وخلال السنوات الماضية، التهمت الحرائق مساحات شاسعة من هذه الغابات، لاسيما في محافظتي سنندج وكرمنشاه. وإلى جانب الحرائق، تواجه غابات البلوط مخاطر الجفاف، والعواصف الترابية، والآفات الزراعية التي تفتك بالأشجار.
وفوق كل هذه التحديات الطبيعية، يأتي تجار الأخشاب والمهربون ليشكّلوا الخطر الأكبر والتهديد المباشر المتبقي لهذه الثروة الوطنية التي تعتبر "رئة كوردستان".
تقرير: كاميل بوكاني - كوردستان24
