المدارس الكرفانية في الأنبار.. حلول "مؤقتة" تحولت إلى كابوس يهدد جيلاً كاملاً

تعبيرية
تعبيرية

أربيل (كوردستان 24)- لا يزال ملف "المدارس الكرفانية" في محافظة الأنبار يشكل جرحاً مفتوحاً في جسد الواقع التعليمي، مهدداً مستقبل آلاف التلاميذ.

فما كان يُفترض أن يكون "حلاً إسعافياً" ومؤقتاً لظروف الحرب، تحول بمرور السنوات إلى واقع دائم يفرض نفسه على المشهد، وسط بنى تحتية متهالكة تفتقر لأبسط مقومات البيئة التربوية الآمنة.

تحت أسقفٍ تُسرّب مياه الأمطار شتاءً، وبين جدران حديدية لا تصد لهيب الصيف، يتلقى تلاميذ الأنبار تعليمهم. تعاني غالبية هذه الكرفانات من انعدام التهوية، وغياب الأبواب والنوافذ، ما يجعلها بيئة قاسية لا يقوى الأطفال على تحملها، الأمر الذي دفع أولياء الأمور لاعتبار هذا الملف "وصمة عار" تتطلب تدخلاً فورياً.

وفي حديث لـ "كوردستان 24"، صبّ حسين عايد، ولي أمر أحد التلاميذ، جام غضبه على استمرار هذا الحال، متسائلاً: "إلى متى تبقى مدارس الأنبار بهذا الشكل؟ المفروض أن تُشيد مدارس نظامية متعددة الطوابق".

ويضيف بمرارة: "هذه ليست بيئة تعليمية.. تعالوا وشاهدوا بأنفسكم، هل يُعقل أن يدرس أبناؤنا في هذه الظروف؟".

المعاناة ذاتها ينقلها التلميذ أحمد منير، الذي يختصر مشهد يومه الدراسي بعبارات مؤلمة: "مدرستنا لا تصلح للدراسة، لا توجد نوافذ، والسقف يقطر علينا ماء المطر". ويتابع بلهجة تملؤها الحسرة: "نحن نرفض هذا الواقع، كيف لنا أن نتعلم ونحن في كرفانات؟".

من جانبه، حذر المرشد التربوي د. جمال ذويب من التداعيات النفسية والتعليمية لاستمرار هذه الظاهرة. وأوضح ذويب أن "المدارس الكرفانية أُنشئت كحل طارئ لأشهر أو لعام واحد فقط، لكن استمرارها لسنوات يتناقض جذرياً مع العملية التربوية".

وأضاف: "من المعيب أن العراق، الذي علّم العالم الكتابة قبل سبعة آلاف عام، لا يزال يعتمد في القرن الحادي والعشرين على الكرفانات لتعليم أبنائه"، مطالباً بتدخل حكومي عاجل لإنهاء هذه الحقبة.

تعود جذور الأزمة إلى حقبة الحرب ضد تنظيم "داعش"، التي تسببت بتدمير نسبة كبيرة من الأبنية المدرسية، مما دفع الجهات المحلية لاعتماد الهياكل الجاهزة كبديل سريع.

إلا أن تأخر مشاريع إعادة الإعمار وشح التخصيصات المالية حوّل هذا البديل المؤقت إلى واقع دائم، مما تسبب -بحسب مراقبين- في تراجع جودة التعليم وزيادة نسب التسرب المدرسي.

وبانتظار حلول جذرية، تبقى أصوات الأهالي والكوادر التدريسية موحدة في مطلب واحد: "مدارس نظامية تحفظ كرامة التلميذ وتعيد للأنبار مكانتها العلمية".

تقرير: محمد الدليمي – كوردستان24 – الانبار