النداء الأحمر الديمغرافي.. فرنسا على شفا أزمة سكانية كارثية
أربيل (كوردستان 24)- كشف مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن المجتمع الفرنسي يواجه تحوّلاً ديموغرافيًّا جادًّا: فلأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يتوقع أن تسجّل فرنسا عام 2025 ما يُعرف بـ«الرصيد الطبيعي السلبي» — أي أن عدد الوفيات سيتجاوز عدد المواليد. ونتيجة لذلك، يدخل البلد في مرحلة انحسار سكاني طبيعي، يتزامن مع ارتفاع مستمر في متوسط العمر وتزايد كبير في عدد المسنين.
تهديد للاستقرار الاجتماعي
وبحسب مكتب الإحصاء الوطني، فإنه بحلول عام 2070 قد يصل نصيب الأشخاص فوق سن 65 إلى نحو ثلث السكان. ووصف رئيس الهيئة الرقابية المالية في فرنسا الوضع بأنه “نداء للاستيقاظ”.
محذرًا من أن الجمود في السياسات قد يؤدي إلى تدهور أكبر في الموازنة الاجتماعية والاقتصادية، كما حدث مع الدين العام سابقًا، وفق ما نقلته صحيفة العين.
ويشير إلى أن تأجيل اتخاذ الإجراءات قد يجعل الإصلاحات المستقبلية أكثر صعوبة ويزيد الفجوة بين الموارد المتاحة واحتياجات المجتمع الأساسية.
ووفقا للصحيفة، فإن هذا التغير الديموغرافي يهدد استقرار النظام الاجتماعي والدعم الصحي، كما يضع عبئًا متزايدًا على المالية العامة نظرًا لزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والشيخوخة مع تراجع عدد العاملين القادرين على دفع الاشتراكات.
الحلول
أما الحلول المطروحة فهي ليست بالسهلة. فسياسات تشجيع الإنجاب — رغم تاريخها — لم تحقق نتائج ملموسة في دول أخرى. كما أن الهجرة يمكن أن تخفف من حدّة الانخفاض السكاني، لكنها بحسب التقرير لا تُعدّ حلاً كافيًا وحدها.
وبدلاً من ذلك، يدعو المقال إلى إعادة تنظيم جادة للسياسات: تحسين مشاركة القوى العاملة – بمن فيهم الشباب وكبار السن – إصلاح نظام التقاعد الذي يعتمد على أعداد العاملين مقارنةً بالمتقاعدين، وإعادة توزيع الأعباء بين الأجيال.
كما يُقرّ بأن الخيارات المتاحة قد تكون غير شعبية، لكنها ضرورية لتأمين استدامة النظام الاجتماعي والاقتصادي في فرنسا على المدى الطويل.
واعتبر المقال أن فرنسا تدخل مرحلة تاريخية خطيرة من التحوّل الديموغرافي. إن لم تُعِد النظر في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية الآن، قد تواجه لاحقًا أزمة أعمق في التوازن بين عدد السكان والموارد — أزمة أشد من مجرد “شتاء ديموغرافي”.
ومن المقرر أن تعقد غدا الإثنين أولى اجتماعات مهمة برلمانية لدراسة أسباب ونتائج انخفاض معدلات الولادة في فرنسا.
ويُعد هذا بمثابة بداية أولية للتفكير في قضية غابت حتى الآن عن مناقشات الميزانية.
وحذر رئيس ديوان المحاسبة بيير موسكوفيتشي قائلاً: "دعونا لا نرتكب نفس الخطأ مع الديموغرافيا كما فعلنا مع الدين العام". وعلى الرغم من أن الديموغرافيا نفسها قد لا تكون مسألة سياسية، إلا أن السياسيين سيضطرون الآن لإيلاء اهتمام عاجل لهذه القضية.