فيان زامدار: شعري صرخة ألم نابعة من جراح الوطن ومحاولة لكسر قيود المرأة

في حوار خاص مع "كوردستان 24"، تفتح الكاتبة والشاعرة الكوردية الدكتورة فيان محمود زامدار خزائن إبداعها، متحدثة عن تجربتها الشعرية التي تمزج بين الذات والوطن، ورؤيتها الفلسفية للحياة، ونضالها من أجل حرية المرأة الكوردية. وتؤكد زامدار أن قصائدها ليست مجرد كلمات، بل هي "محاولة لإيجاد السكينة في صخب الحياة وجسر يربط بين الأرض والسماء".
تصف د. فيان تجربتها الشعرية بأنها رحلة طويلة ومستمرة من التطور، توجت مؤخراً بإصدار مجموعتها "زامدار" (الجريح)، المهداة إلى روح والدها ومعلمها الراحل، الكاتب الكبير محمود زامدار.
وتوضح أن عنوان الكتاب يحمل دلالات عميقة، فهو "ليس مجرد تعبير عن ألم فردي أو عاطفي، بل هو استعارة لجسد الوطن الجريح وتاريخ شعبي المليء بالمآسي". في نصوص مثل "روح وألف موت" و"سراب"، تتحول اللغة من وظيفتها العاطفية إلى أداة لتوثيق الألم الجمعي، محاولةً طمس الحدود بين "العشق العاطفي" و"عشق الأرض"، فكل ألم في قصائدها هو صدى لألم الإنسان الكوردي الباحث عن هويته.
من الناحية الفنية، تمزج زامدار في نصوصها بين "النفس الكلاسيكي" و"الصورة الشعرية الحديثة". فبينما تستحضر في قصيدة "طاحونة الزمان" مفردات القاموس الكلاسيكي الكوردي كـ "الساقي" و"الحانة" لإضفاء عمق تاريخي، تلجأ في نصوص أخرى مثل "ابتسامات تحت الخريف" إلى لغة أكثر عصرية وصور شعرية حديثة للتعبير عن جماليات الحياة وتحولاتها.
وحول الرسالة التي تحملها قصائدها، تؤكد زامدار أن الشعر بطبيعته متعدد الدلالات، لكن جوهر رسالتها يكمن في ثلاثة محاور: "سؤال الوجود"، و"هم الوطن"، و"التوق إلى الحرية".
وترى أن الإنسان كائن محكوم بالبحث عن معنى لحياته في عالم مليء بالسراب، وأن الوعي ضريبته الألم. وتقول: "الإنسان الواعي جريح لأنه يدرك عبثية الحياة، لكنه جرح مقدس لأنه دليل على حياة الروح".
وتضيف بعداً وطنياً لرسالتها، مؤكدة أن "البحث عن معنى للحياة عبثي إذا كان الإنسان بلا هوية أو وطن"، واصفة حب الوطن بأنه "شغف أبدي لا ينهيه حتى الموت".
بصفتها شاعرة وأكاديمية، ترى د. فيان أن حرية المرأة في المجتمع الكوردي ليست مجرد كسر للقيود الاجتماعية، بل هي رحلة معرفية وجودية. وتقول: "الحرية الحقيقية للمرأة تبدأ عندما تعيد تعريف العالم وتنظر إليه بعينيها هي".
وتشدد على أن "الفكر والقلم هما سلاحا الحرية"، وأنه "ما لم تكتب المرأة الكوردية وتعبر عن جراحها وأحلامها، فلن تكون حرة". فالحرية بالنسبة لها هي تحول المرأة من "مفعول به" إلى "فاعل" مؤثر في التاريخ.
ترفض زامدار المفاضلة بين الشعر الكلاسيكي والحديث، مؤكدة أن لكل منهما جماليته الخاصة. فبينما يزخر الشعر الكلاسيكي بروائع خالدة لشعراء كبار مثل نالي ومحوي وجزيري، يمتلك الشعر الحديث أدواته الخاصة للتعبير عن هموم الإنسان المعاصر. وتدعو إلى تقييم النصوص بناءً على معايير الجمال والإبداع، بعيداً عن التصنيفات الجامدة.
تستذكر د. فيان والدها الراحل الشاعر الكوردي المعروف محمود زامدار، واصفة إياه بـ "المدرسة" التي لا تزال تتعلم منها. وتقول إنها لم تتعلم منه فقط فنون الكتابة واللغة، بل تعلمت منه أيضاً قيم الإنسانية وحب الوطن والتصوف في عشق الأرض. وتضيف: "علمني أن أعتمد على نفسي وأواجه الصعاب، وسأظل أتعلم منه ما حييت".
على الصعيد المهني، تواصل د. فيان عملها كمديرة للبيداغوجيا في وزارة التعليم العالي، حيث تسعى لتطوير طرائق التدريس في الجامعات الكوردستانية والارتقاء بها إلى مصاف العالمية.
أما على الصعيد الأدبي، فتكشف عن وجود العديد من النصوص الشعرية غير المنشورة، بالإضافة إلى مشروع رواية تعمل عليه، واعدة قراءها بالمزيد من النتاجات الإبداعية في المستقبل.
نبذة عن الشاعرة:
د. فيان محمود زامدار، ابنة الكاتب والشاعر الكوردي الراحل محمود زامدار. حاصلة على شهادتي ماجستير في اللغة الإنجليزية والإدارة العامة، ودكتوراه في الأدب الأمريكي (الشعر النسوي المعاصر). أصدرت هذا العام مجموعتها الشعرية "زامدار".