بلينكن يعرّج على السعودية قبل زيارة إسرائيل

أربيل (كوردستان 24)- يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإثنين عقب وصوله إلى المملكة في زيارة مقتضبة، قبيل توجهه إلى إسرائيل، في إطار جولته المكثفة في المنطقة سعياً إلى تجنّب تحول الحرب في غزة إلى صراعٍ إقليمي.
وحطت طائرة بلينكن بعد ظهر الإثنين في مطار مدينة العُلا التاريخية بشمال غرب السعودية، حيث يُرتقب أن يلتقي بن سلمان، بحسب ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس مرافق للوفد الأمريكي.
وتأتي زيارة السعودية ضمن جولة إقليمية بدأها وزير الخارجية الأمريكي من تركيا وشملت أيضاً اليونان والأردن وقطر والإمارات، للتحذير من أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية التي دخلت شهرها الرابع، قد "تنتشر".
ويُنتظر أن يصل بلينكن مساء الاثنين إلى تل أبيب حيث يلتقي الثلاثاء مسؤولين إسرائيليين، قبل أن ينتقل إلى الضفة الغربية الأربعاء ومن ثم مصر.
وفي مدينة العلا التي تضمّ مواقع مدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة يونيسكو، ستكون هجمات الحوثيين اليمنيين على السفن في البحر الأحمر التي تعكّر صفو التجارة العالمية، موضع نقاش بين بلينكن وولي العهد السعودي.
ومنذ أسابيع، يشنّ الحوثيون هجمات بطائرات مُسيَّرة وصواريخ تستهدف سفناً يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو تلك التي يشتبهون في أنها متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، بالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
وحذّرت 12 دولة على رأسها الولايات المتحدة، الحوثيين المدعومين من إيران من عواقب لم تحددها، ما لم يوقفوا فوراً هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.
ويكتسي الموضوع حساسية أكبر بالنسبة للسعوديين الذين يخوضون منذ أشهر مفاوضات متقطّعة مع الحوثيين لإنهاء الحرب في اليمن.
واندلع النزاع في اليمن في 2014. وسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. في العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى. تراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في نيسان أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر.
جسّ نبض التطبيع
على مقلب آخر، ورغم ضبابية مسألة العودة إلى المناقشات بين إسرائيل والسعودية حيال احتمالية تطبيع علاقاتهما برعاية أمريكية، يبقى الموضوع في الأروقة الخلفية لزيارة بلينكن.
فقبل نشوب الحرب في غزة، شهدت المفاوضات بين الطرفين تقدماً ملحوظاً، حتى أن بلينكن كان منتظراً حينها في السعودية لإجراء مناقشات تفصيلية حول هذا الموضوع.
لكن الولايات المتحدة، بحسب مسؤول أمريكي رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته، لم تفقد هدفها على المدى الطويل، مشيراً إلى أن اللقاء مع بن سلمان سيتيح معرفة رأي السعوديين بالمسألة حالياً.
لم تعترف السعودية أبداً بإسرائيل ولم تنضم لاتفاقيات أبراهام الموقعة في 2020 برعاية أمريكية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وقبيل توجهه إلى السعودية، التقى بلينكن الاثنين في أبو ظبي الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وأفادت وكالة أنباء الإمارات "وام" أنه جرى البحث في "التطورات في منطقة الشرق الأوسط خاصة المستجدات في الأراضي الفلسطينية والتداعيات الخطيرة للأزمة في قطاع غزة على السلام والاستقرار والأمن في المنطقة".
ولهذه الجولة، وهي الرابعة لبلينكن منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، ثلاثة أهداف بحسب مسؤولين أمريكيين، وهي: تجنّب تصعيد الصراع، وخصوصاً منع التوترات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني من الخروج عن السيطرة، والضغط على إسرائيل للدخول في مرحلة جديدة من حملتها العسكرية على غزة، والدخول في حوار "صعب" حيال مرحلة ما بعد الحرب.
وأمام نحو 23084 قتيلاً في غزة غالبيتهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع المحاصر منذ أكثر من 16 عاماً، يرى بلينكن أن "الأكثر أهمية أن تهدف العمليات (العسكرية) في ظلّ استمرارها، إلى حماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها وليس العكس".
ويبذل وزير الخارجية الأمريكي جهوداً كبيرة في جولته، لمعرفة كيف يمكن لكل دولة المساهمة في مرحلة ما بعد الحرب، إن كان في ما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة أو تولي إدارتها وحكمها.
ويشير إلى أنه "خلال المناقشات حتى الآن، يُبدي شركاؤنا استعدادهم لخوض هذه المحادثات الصعبة واتخاذ القرارات الصعبة".
وهذه هي الحال مع تركيا ودول عربية، وإن كانت هذه البلدان تطالب علناً وقبل كل شيء بوقف المعارك ووقف دائم لإطلاق النار، وفق ما يشير الجانب الأمريكي.
المصدر: AFP