عزيزة.. معلمة كوردية نشرت العلم والحب حتى لحظاتها الأخيرة

أربيل (كوردستان24)- كانت عزيزة شخصية استثنائية تجمع بين القوة والاستقلالية والكاريزما، هكذا تصفها عائلتها التي كانت تنتظر معها لحظة تقاعدها الصيف المقبل. لكن القدر كان له رأي آخر، فقد رحلت فجأة يوم الثلاثاء، بعد أن سقطت ضحية في الهجوم الدموي الذي استهدف مدرسة ريسبيرجسكا في أوربرو.
في بيان أرسلته العائلة إلى التلفزيون السويدي SVT، جاء فيه: "إخلاصها وحبها سيبقيان حيّين في ذاكرة كل من حظي بفرصة معرفتها."
من كردستان إلى السويد.. رحلة كفاح بين الهندسة والتعليم
لم تكن عزيزة مجرد معلمة، بل كانت أختًا، خالة، عمة، مهندسة، ومربية أجيال. في التسعينيات، غادرت كردستان بحثًا عن الأمان، لتجد في السويد وطنًا جديدًا. لم يكن الغربة عائقًا أمام طموحها، فاختارت أن تعيد بناء حياتها عبر التحصيل العلمي، لتحصل على شهادتين في الهندسة المدنية وتعليم الرياضيات.
وفي بيان مشترك، قال أشقاؤها السبعة: "كانت ترى في العلم مفتاح الاستقلال، وساعدت الكثيرين في بناء مستقبلهم المهني وتحقيق الاستقرار المادي. لم تكن ترى الأشخاص فقط، بل كانت تمنح كل فرد قيمة خاصة."
عشرون عامًا من العطاء في التعليم
على مدار 20 عامًا، كرّست عزيزة حياتها لمهنة التعليم، متنقلة بين عدة مدارس، وكان آخرها مدرسة ريسبيرجسكا، حيث درّست طوال السنوات السبع الماضية.
تستذكر عائلتها كيف كانت سعيدة بانتقالها إلى الحرم الجامعي الجديد، إذ أتاح لها ذلك المشي إلى العمل يوميًا، وهو ما اعتبرته فرصة رائعة لممارسة الرياضة.
لكن دورها لم يكن يقتصر على التعليم، بل امتد ليشمل عائلتها، فقد كانت الركيزة الأساسية لأشقائها، قادتهم في طفولتهم، أعالت الأسرة، واتخذت أصعب القرارات، ليس فقط داخل نطاق العائلة الصغيرة، بل حتى بين الأقارب والأصدقاء.
عزيزة.. معلمة داخل الفصل وخارجه
لم يكن شغفها بالرياضيات محصورًا داخل جدران المدرسة، فقد أسست قناة تعليمية على يوتيوب تقدم دروس الرياضيات باللغة الكردية، جذبت أكثر من 120,000 متابع من الطلاب والمتعلمين الناطقين بالكردية، مما جعلها مصدر إلهام للكثيرين.
تقول عائلتها: "كانت تؤمن بأن الإنسان قادر على التطور والتغيير للأفضل، وكانت ترى أن المعرفة هي المفتاح لكل شيء في الحياة."
إرث يبقى حيًا
رغم ألم الفقدان، تجد عائلتها العزاء في الإرث التعليمي الذي تركته، والتأثير العميق الذي غرسَته في قلوب طلابها وزملائها.
ويختتم أشقاؤها رسالتهم بالقول: "لن تبقى ذكراها فقط بيننا كعائلة، بل ستعيش في قلوب جميع من ساعدتهم ودعمتهم طوال هذه السنوات." يأتي مقتل المعلمة عزيزة في مدرسة ريسبيرجسكا في أوربرو في سياق تصاعد العنف في المدارس، وهي قضية تثير القلق في السويد وأوروبا بشكل عام. خلال السنوات الأخيرة، شهدت بعض المدارس حالات عنف غير مسبوقة، مما دفع السلطات التعليمية والأمنية إلى اتخاذ تدابير مشددة لحماية المعلمين والطلاب.
المصدر: SVT