مأمون النطاح في مقابلة خاصة مع كوردستان24: الشعر بدأ بالحنين.. وكوردستان منبري المحبب

أربيل (كوردستان 24)- في إطار فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب بدورته السابعة عشرة، وتحت رعاية وتنظيم مؤسسة كوردستان24 الإعلامية (القسم العربي)، احتضنت مدينة أربيل أمسية شعرية استثنائية أحياها الشاعر العراقي مأمون النطاح، الجمعة، وسط حضور جماهيري كبير من عشاق الشعر وزوار المعرض.

وجاءت الأمسية ضمن البرنامج الثقافي لمؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، حيث امتلأت قاعة المعرض بمحبي الكلمة، وتفاعل الحضور مع القصائد التي ألقاها النطاح، والتي مزجت ببراعة بين الحنين والغربة، والوطن والانتماء، والعاطفة المتدفقة.

وعلى هامش الأمسية، أجرت كوردستان24 حوارًا خاصًا مع الشاعر مأمون النطاح، تحدث فيه عن بداياته الشعرية، والغربة التي شكّلت ملامح تجربته، إضافة إلى رؤيته للشعر الشعبي العراقي، وتفاعله مع البيئة الثقافية في إقليم كوردستان، وغيرها من المحاور التي يكشف عنها النطاح بصراحة وشغف في هذا اللقاء.

تحدّث الشاعر العراقي مأمون النطاح عن بداياته الشعرية وتجربته مع الغربة، قائلاً:

"دخلت عالم الشعر بعد أن أثّرت الغربة عليّ بشكل عميق. غادرت العراق في عام 1996، في سنّ مبكرة، وافتقدت الأجواء الاجتماعية التي يعرفها كل العراقيين، خاصة في الأعياد والمناسبات مع الأهل والأصدقاء. بدأت أكتب بدافع الحنين، وكانت تلك الرسائل التي أبعثها لعائلتي تحمل مشاعري، وشيئاً فشيئاً تحوّلت إلى أبيات شعرية. لم يكن هناك إنترنت آنذاك، فكنت أكتبها بخط اليد وأرسلها لهم على شكل رسائل وقصائد... هكذا كانت البداية".

عن أول قصيدة كتبها، قال:

"أول قصيدة كتبتها كانت في أول عيد مرّ عليّ في الغربة، ومطلعها كان:
من ديرة يا عم أكتب رسالة، أرسل سلامي من مراسيها،
من ديرة يا عم كل بحالة، لا مضايف ولا حشد فيها...
أعجبت الجميع وقتها، لكن كثيرين لم يصدقوا أنني كتبتها بنفسي، وظنوا أنني أخذتها من مكان آخر وأرسلتها لهم".

وسألناه إن كان قد تأثر بجده الشاعر والفارس "الشيخ محمد العبد الله"، فأجاب: 

"أعتقد أن الشعر يجري في جينات العائلة. من يولد في بيئة تُحب الشعر، فلا بدّ أن يظهر فيها شعراء. أرى نفسي امتدادًا لمدرسة جدي، وأفتخر بذلك، حتى وإن كان شعري لا يرقى إلى مستواه، فلكل زمان دولته ورجاله".

عن تجربته في كتابة الشعر باللغة الهولندية، قال:
"كتبت بعض المساهمات الشعرية بالهولندية، وطلب مني أحيانًا تأليف أغانٍ للطلبة العراقيين في المدارس هناك. وفعلاً كتبت أغنية وبعض القصائد، وبعضها فاز في فعاليات خاصة بالمهاجرين. من بين تلك الأعمال قصيدة بعنوان الفراسة".

وعند سؤاله عن واقع الشعر الشعبي اليوم، وهل فقد شيئًا من بريقه، أجاب:
"الشعر الشعبي العراقي في حالة ازدهار. في كل بيت عراقي ستجد شخصًا إمّا يهتم بالشعر، أو يحفظه، أو يكتبه، أو يقدّمه بنقد. البيئة العراقية بطبيعتها تزرع الشعر في النفوس".

وسألناه عن الأقرب إليه: الغزل، الوطن، أم الوجع الإنساني؟ فأجاب:
"القصيدة بالنسبة لي موضوع. لا أقيّد نفسي بنوع أو صنف معيّن، ما يهمني هو أن أكون في الحالة الشعورية المناسبة التي تدفعني لكتابة ذلك الموضوع".

وعن تأثير زمن السرعة والماديات على الشعر، قال:
"الشعر اليوم ينتشر بسرعة، كالنار في الهشيم، وتتناقله الناس كوسيلة تعبير. هو لغة مزدوجة التأثير، ويعكس نبض المجتمع والواقع".

ولدى الحديث عن تجاربه الغنائية وتعاونه مع فنانين، سألناه: هل تختار الفنانين الذين يغنون من كلماتك، أم تترك الأمر للتقدير؟ فأجاب:
"في الفترة الأخيرة، طلب مني عدد من الفنانين الكتابة حول مواضيع معينة، وكنت ألبي تلك الطلبات. لا شك أن الأغنية تسهم في انتشار الشاعر، وخصوصًا عندما أشارك بصوتي في الإلقاء داخل العمل".

وعندما سألناه عن الدكتوراه التي حصل عليها، وهل ينظر إلى نصوصه بعين الناقد؟ أجاب:
"دراستي كانت في مجال الإلقاء، وتصنّف ضمن النقد الأدبي، لكنها متخصصة أكثر في الأداء والتوصيل. بصراحة، أنا أكثر من ينتقد شعري، ودائمًا أراجع نفسي قبل أن يراجعني أحد".

وعن علاقته بمدينة أربيل، قال النطاح:
"زرت إقليم كوردستان حوالي عشرين مرة، وأول زيارة كانت عام 2017 ضمن حملة لجمع التبرعات للنازحين خلال حرب داعش. نظّمت أمسية شعرية في أربيل حضرها أكثر من ألف شخص، وكانت بداية تكوّن جمهور لي في الإقليم، أعتزّ بهم كثيرًا، وهم ممتدّون من زاخو إلى دهوك وأربيل والسليمانية".

وسألناه: هل ترى أن إقليم كوردستان أصبح مركزًا مهمًا للثقافة والفن؟ فأجاب:
"بلا شك. كوردستان أصبحت وجهة للمثقفين، ورجال الأعمال، والفنانين. إنها بيئة حاضنة وآمنة، وهذا ما نحتاجه دائمًا من أجل الإبداع".

وعن إمكانية التعاون مع شعراء أو فنانين من الإقليم، قال:
"من المفترض أن أعمل قريبًا مع الفنان عمار الكوفي. أما مع الشعراء، فربما سيكون هناك تعاون في المستقبل".

وأردف قائلًا:
"أنا مطّلع على الشعر الكوردي، وأحب الاستماع للأغاني الكوردية التي دائمًا ما تجذبني. كوني شاعرًا أكتب من منطلق الإحساس، فأنا متأثر بالنغمة الكوردية وبالقصيدة الكوردية ذات الإيقاع الموسيقي. هذا هو أكثر ما يجذبني في الشعر عمومًا، وخاصة الشعبي منه".

أخيرًا، سألناه إن كان يفكر بكتابة الشعر بالكوردية أو التعاون مع فنانين كورد، فأجاب:
"لم أكتب بالكوردية حتى الآن، لكنني أعمل على تعلّم اللغة. إقليم كوردستان اليوم حاضنة للفنانين، وبيئة آمنة، وهذا ما يجعلها وجهة جذابة للجميع".

 
 
 
Fly Erbil Advertisment