أي مصالح يحققها ترامب والشرع من رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟

أربيل (كوردستان 24)- وصف الرئيس السوري أحمد الشرع ليل الأربعاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن بلده بقرار "تاريخي شجاع"، في خطوة تحتاجها سوريا لبدء مسار تعاف طويل بعد سنوات الحرب. فأي مصالح يحققها الطرفان، وهل من عقبات؟

ماذا يجني ترامب؟

بعد أقل من ستة أشهر على إطاحة حكم بشار الأسد وتولّي الشرع الرئاسة الانتقالية، أعلن ترامب من الرياض رفع العقوبات المفروضة على سوريا من أجل "توفير فرصة" للنمو بعدما استنزفت الاقتصاد المنهك أساساً جراء النزاع.

وغداة الاعلان، التقى ترامب الشرع في أول اجتماع على المستوى الرئاسي بين البلدين منذ أكثر من ربع قرن. وحضر الاجتماع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، وانضم إليهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أبرز داعمي الشرع، عبر الهاتف.

وحضّ ترامب، وفق البيت الأبيض، الشرع على إنجاز سلسلة خطوات، من بينها "الانضمام الى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، ومطالبة الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا"، إضافة إلى "مساعدة الولايات المتحدة على منع عودة تنظيم داعش" و"ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين" في إشارة إلى قادة فصائل فلسطينية في دمشق.

ورغم أن تحقيق هذه المطالب ليس سهلاً، ويبدو بعضها مستحيلاً في الوقت الراهن، بحسب خبراء، يسعى ترامب عبر رفع العقوبات لتحقيق أهداف عدة، أولها التجاوب مع طلب ولي العهد السعودي في أولى محطات جولته الخليجية.

ويقول الباحث في مركز "سينتشري إنترناشونال" للأبحاث آرون لوند لوكالة فرانس برس "إنها مجاملة لا تكلّفه شيئاً، ويكسب مقابلها التصفيق والامتنان، فضلاً عن الفوائد المرتبطة بإتاحة فرصة أمام سوريا لتحقيق قدر من الاستقرار والتعافي".

ومن شأن وجود "حكومة سورية فاعلة" أن يسهّل على ترامب، وفق لوند، "تنفيذ طموحه بسحب القوات الأمريكية من سوريا" حيث ينتشر مئات الجنود ويقدمون الدعم بشكل رئيسي لقوات سوريا الديمقراطية التي أدت دوراً محورياً في مواجهة ودحر تنظيم داعش.

كما يفتح له المجال، بحسب لوند، "أمام تعاون فعّال طويل الأمد في مواجهة تنظيم داعش وإيران" التي قدمت ومجموعات حليفة لها، الدعم للأسد خلال النزاع، وتقود ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الذي يضم فصائل فلسطينية وأخرى من العراق واليمن، إلى جانب حزب الله اللبناني.

ما الذي تحققه سوريا؟

رغم أن العقوبات الأمريكية ليست الوحيدة التي فُرضت على الحكم السابق في سوريا بعيد اندلاع النزاع عام 2011، لكنها الأكثر تأثيراً نظراً لانعكاساتها على الحياة اليومية للسوريين الذين سارعوا في مدن عدة، إلى الاحتفال بإعلان ترامب.

إلى جانب تداعياتها الاقتصادية، يوجّه رفع العقوبات، وفق رئيس تحرير النشرة الاقتصادية الإلكترونية "سيريا ريبورت" جهاد يازجي "إشارة سياسية مهمة جداً، تعني ببساطة أنه يمكن للجميع العمل مع سوريا مجدداً".

على المدى القصير، يتيح قرار رفع العقوبات، وفق خبراء، تسهيل تحويل الأموال ووصول المساعدات الإنمائية إلى سوريا. ومن شأنه أن ينعكس إيجاباً لناحية تحسين النشاط التجاري وجذب المستثمرين وخفض التدهور في سعر صرف الليرة السورية، عدا عن توفير فرص عمل في بلد يعيش أكثر من 90 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.

وتأمل سوريا أن تتمكن بعد رفع العقوبات، من الدفع قدماً بعملية إعادة الإعمار التي قدرت الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.

في خطابه إلى السوريين، قال الشرع بعد عودته من الرياض إلى دمشق، إن قرار ترامب كان "تاريخياً شجاعاً، أزال به معاناة الشعب وساعد على نهضته".

وتعهد ألا تكون بلاده "بعد اليوم ساحة لصراع النفوذ ولا منصة للأطماع الخارجية، على أن "تكون أرض السلام والعمل المشترك"، مؤكداً الالتزام "بتعزيز المناخ الاستثماري وتطوير التشريعات الاقتصادية".

ماذا عن التحديات؟

لا تبدو الطريق أمام استعادة سوريا لعافيتها سهلة، إذ يتعين على الشرع في المرحلة المقبلة أن يعمل على "تلبية قائمة المطالب التي قدمها ترامب"، وفق لوند الذي يرى أن "نجاح المهمة سيعتمد على مدى واقعية الولايات المتحدة، وما إذا كانت سترضى بمكاسب ملموسة أم ستُصر على مطالب قصوى".

ويرى أن "بعض المطالب سهل، ومن المرجّح أن الشرع متحمّس للحصول على دعم أمريكي في العمليات ضد تنظيم داعش. لكن بعضها الآخر صعب، وربما مستحيل".

ويعدد الباحث من ضمن المطالب الصعبة، مسألة التطبيع مع إسرائيل التي استهدفت الترسانة العسكرية السورية بمئات الضربات الجوية منذ إطاحة الأسد وتوغلت في جنوب سوريا، عدا عن احتلالها أجزاء من الجولان منذ 1967.

ويمكن للشرع، وفق لوند، أن يظهر أنه "لا يرغب بالحرب مع إسرائيل، ويواصل إرسال إشارات إزاء استعداده للانخراط في محادثات سلام" معها، في خطوة قد لا ترقى إلى تطلعات ترامب لكنها "مهمة".

ويندرج بين المطالب أيضاً، إبعاد المقاتلين الأجانب، وهو ما يشكل "قضية شائكة" وفق لوند، لأنها "تمس قاعدة الشرع السياسية والعسكرية، وتتعلق بأفراد وجماعات من الصعب السيطرة عليهم أو ضمان تعاونهم". لكن ذلك لا يمنع أن يقدم الشرع حلولاً "قد تقبل بها الولايات المتحدة، بينها أن "يضمن السيطرة على المتشددين" في البلاد.

في المقابل، فإن تطبيق قرار رفع العقوبات دونه عقبات في الولايات المتحدة، ذلك أن الإجراءات التي يتعين اتخاذها قد تكون طويلة ومعقّدة، لا سيما إذا كانت قد أّقرت بموجب قوانين.

وتشرح ديلاني سايمون الباحثة في برنامج الولايات المتحدة لدى مجموعة الأزمات الدولية أن "رفع العقوبات ليس أمراً بسيطاً. فهو يتطلب جهداً بيروقراطياً هائلاً، وربما سياسياً أيضاً في واشنطن".

وتضيف أن العملية "ستستلزم تعبئة مختلف مؤسسات الحكومة الأمريكية، بما في ذلك وزارات الخزانة والخارجية والتجارة، بالإضافة إلى الكونغرس".


المصدر: أ ف ب 

 
Fly Erbil Advertisment