الكي بالنار.. تقليد طبي متجذر في ريف اليمن رغم تطور الطب الحديث
أربيل (كوردستان24)- رغم التقدم المستمر في مجالات الطب الحديث، لا يزال العديد من سكان الريف اليمني يعتمدون على الطب التقليدي كوسيلة رئيسية للعلاج، ومن أبرز هذه الممارسات "الكي بالنار"، التي تعتبر شائعة بشكل لافت في عدد من المناطق الريفية، خاصة في محافظة تعز.
في أحد أركان منزلها الريفي، تجلس الحاجة هدى سيف، امرأة مسنّة ورثت مهنة الكي بالنار عن أسرتها، وتحافظ على هذا التقليد الشعبي بوصفه وسيلة للعلاج لا تقل شأناً عن الأدوية والمستشفيات. بالقرب من موقد النار، تُحضّر أدواتها بحذر، وتُسخن قطعة الحديد المعروفة محلياً باسم "الميسم"، استعداداً لعلاج أحد المرضى من أبناء القرية.

تقول هدى في حديثها لمراسل كوردستان24، "نستخدم الميسم لعلاج أمراض متعددة. فعلى سبيل المثال، نكوي وسط الرأس لمن يعاني من صفار الكبد، ومقدمة الرأس إذا كان الشخص تعرض لموقف مفزع. أما من يشكون من صعوبة في الحركة، فنقوم بالكي في منطقة الظهر."
وبينما تستعد الحاجة هدى لإجراء جلسة كي جديدة، يقترب زوجها عبدالقادر، أحد المؤمنين الراسخين بفاعلية هذا النوع من العلاج، والذي يظهر رأسه آثار متعددة للكي. يؤكد عبدالقادر أنه لم يزر طبيبًا قط، ويقول، "إذا شعرت بالحمى أو أي تعب، أطلب من زوجتي أن تقوم بعلاجي بالكي. لم أتناول الأدوية منذ سنوات، وأعتقد أن الكي أفضل من زيارة الطبيب."

ترى الحاجة هدى أن ما ورثته من والديها ليس مجرد طقوس علاجية، بل تجربة مثبتة جعلتها تحظى بثقة سكان قريتها والمناطق المجاورة. ويؤمن كثير من سكان الريف اليمني أن الكي بالنار ليس فقط بديلاً علاجياً، بل هو الطريقة الأصلية التي نشأوا عليها في ظل غياب المرافق الصحية الحديثة.
وفي هذا الواقع الذي تعيشه القرى النائية، يبدو أن الأطفال أيضًا يعتادون مبكرًا على هذه الممارسة، إذ خاض الكثير منهم تجارب كي وهم في سن صغيرة، حتى بات الشعور بها مألوفًا، ضمن ثقافة ترى في الطب التقليدي جزءاً من الهوية، ووسيلة لا غنى عنها للشفاء.
تقرير: أيمن قائد – مراسل كوردستان24 في اليمن – تعز