الطمبور: لحن مقدس يتردد صداه عبر 6000 عام من تاريخ اليارسانيين في زاغروس

أربيل (كوردستان24)- في قلب جبال زاغروس، تعيش آلة "الطمبور" الموسيقية كرمز روحي وثقافي عميق الجذور، حيث تعتبر الآلة المقدسة لأتباع الديانة اليارسانية، وتحمل في أنغام أوتارها تاريخاً يمتد لستة آلاف عام.
يُعرف الطمبور بأنه أحد أقدم الآلات الوترية في تاريخ البشرية، وهو ليس مجرد أداة موسيقية، بل وسيلة للتواصل الروحي لدى اليارسانيين. من خلاله، تُعزف المقامات الدينية المقدسة، وتُقام طقوس "الذكر" والمناجاة مع "الحق" (الله). وقد ترسخت مكانة الطمبور كآلة دينية مقدسة بشكل خاص في القرن الحادي عشر الميلادي، بعد ظهور القائد الديني اليارساني "مبارك شاه شاخوشين".
صناعة فنية متوارثة من قلب طبيعة كوردستان
تتميز صناعة الطمبور باعتمادها الكلي على الأخشاب المحلية في كوردستان، في حرفة يدوية دقيقة يتوارثها الحرفيون أباً عن جد. ويوضح الخبراء والعازفون، مثل عرفان رحمتي، أن "صندوق الصوت" للآلة، الذي يتخذ شكل نصف بيضة، يُنحت من قطعة واحدة من خشب التوت، وكذلك الوجه الرقيق الذي يغطيه. أما عنق الآلة فيُصنع من خشب الجوز أو المشمش القوي.
ويُعد تعلم العزف على الطمبور واجباً دينياً على أتباع الديانة اليارسانية، حتى أنه لا يكاد يخلو منزل يارساني من وجود طمبور واحد على الأقل، مما يعكس ارتباطهم العميق بهذه الآلة.
"كرند".. عاصمة الطمبور بلا منازع
تُعرف هذه الآلة بأسماء متعددة في مناطق كوردستان المختلفة، مثل "تمبور"، "تنبور"، و"تميرة"، وتنتشر صناعتها في المناطق التي يقطنها اليارسانيون في كرماشان ولورستان وهمدان.
ومع ذلك، تبرز مدينة كرند في محافظة كرماشان، التي تُعتبر العاصمة الروحية لليارسانيين، كمركز رئيسي لصناعة الطمبور في إيران والعالم. بوجود ما يزيد عن 158 ورشة متخصصة، أصبحت كرند قبلة للحرفيين والموسيقيين، وقد تم تسجيلها رسمياً على المستوى الوطني الإيراني كـ"عاصمة إنتاج الطمبور"، تكريماً لدورها المحوري في الحفاظ على هذا التراث الثقافي والديني العريق.
كرماشان (كوردستان 24)