الإيزيديون بعد 11 عامًا من الإبادة: جراح لا تندمل وأمل بمستقبل أفضل

أربيل (كوردستان 24)- بعد أحد عشر عامًا على جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم "داعش" بحق الإيزيديين في قضاء سنجار(شنگال)، لا تزال تداعيات هذه المأساة تخيم على أبناء هذا المكون الأصيل في كوردستان والعراق. ففي الثالث من أغسطس 2014، شن التنظيم هجومًا وحشيًا، ارتكب خلاله واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث.
قرار تاريخي يعيد الكرامة والأمل للناجيات
في خطوة غير مسبوقة، اتخذت القيادة الروحية للمجتمع الإيزيدي، ممثلة بالمجلس الروحاني والمير وبابا شيخ، قرارًا تاريخيًا بقبول جميع النساء والفتيات الناجيات من سبي "داعش"، وإعادة دمجهن في المجتمع مع منحهن كل الاحترام والتقدير.
جاء هذا القرار ليكسر الشائعات التي روّج لها التنظيم الإرهابي، والتي كانت تهدف إلى زرع اليأس في نفوس المختطفات، وإقناعهن بأن مجتمعهن لن يقبلهن مجددًا.
تؤكد رهام حجي، إحدى الناجيات:
"كانوا يقولون لنا إن الإيزيديين سيقتلونكن ولن يقبلوكن مرة أخرى، لكن ما وجدته عند عودتي كان عكس ذلك تمامًا؛ فقد استُقبلت باحترام كبير، وأنا اليوم سعيدة بوجودي في لالش".
يمثل معبد لالش، أقدس أماكن الإيزيديين في العالم، رمزًا للقبول والتجديد. ففيه يُستقبل الناجون وتُمنح لهم "المور" (الختم الديني) كعلامة على عودتهم واحتضان مجتمعهم لهم. ويقول بير سردار، أحد خدام المعبد:
"كل ناجٍ أو ناجية يتم تحريرهم، نقبلهم ونختمهم، وهذا قرار المجلس الروحاني وبابا شيخ ومير الإيزيديين".
إحصائيات مؤلمة وجرح مفتوح
رغم مرور السنوات، ما تزال الأرقام تروي حجم الكارثة:
بلغ عدد المختطفات والمختطفين الإيزيديين 6,417 شخصًا، نجا منهم 3,562، ولا يزال مصير 2,827 مجهولاً.
خلّفت الإبادة 2,745 طفلاً يتيمًا، وتم اكتشاف 83 مقبرة جماعية حتى الآن، إضافة إلى تدمير 68 مزارًا وموقعًا دينيًا إيزيديًا.
حياة قاسية في مخيمات النزوح
بعد عقد من النزوح، ما يزال أكثر من 280 ألف إيزيدي يعيشون في المخيمات وسط ظروف إنسانية قاسية.
تقول الناشطة الإيزيدية رفاه حسن:
"تمر الذكرى العاشرة في وقت ما يزال هناك تهميش للواقع الصحي والخدمي والاقتصادي لمئات النساء داخل المخيمات".
سنجار (شنگال) بين الدمار ومحاولات الإعمار
سنجار، الموطن التاريخي للإيزيديين، تعاني من دمار هائل في بنيتها التحتية ونقص حاد في الخدمات الأساسية. ورغم إعلان الحكومة العراقية عن خطط لإعادة الإعمار، لا يزال تنفيذ اتفاق سنجار معلقًا، ما يعيق عودة آلاف النازحين.
مطالبات مستمرة بالعدالة والمساءلة
في كل ذكرى للإبادة، تتجدد الدعوات المحلية والدولية لتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة الجناة.
أصدر البرلمان العراقي عام 2021 "قانون الناجيات الإيزيديات" لتعويض الضحايا وتأهيلهن، كما اعترفت عدة دول وبرلمانات، بينها البرلمان الألماني، رسميًا بأن ما حدث للإيزيديين هو "إبادة جماعية".
دور المنظمات الدولية
تلعب المنظمات الدولية، مثل المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، دورًا مهمًا في دعم الناجين وإعادة بناء حياتهم، إضافة إلى توثيق الانتهاكات والمساعدة في التعرف على هويات الضحايا في المقابر الجماعية. وتشدد هذه المنظمات على أهمية إيجاد حلول دائمة للنازحين ودعم عودتهم الطوعية والآمنة إلى ديارهم.
في الذكرى الحادية عشرة لهذه الفاجعة، يظل أمل الإيزيديين معلقًا بتحقيق العدالة، وعودة المفقودين، وإعمار مناطقهم، لطي صفحة الماضي الأليم وبناء مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا.