جنود الظل في كوردستان: فرق إزالة الألغام تواصل مهمتها رغم المخاطر والتحديات

أربيل (كوردستان24)- مع شروق الشمس في ربوع كوردستان، ينطلق عشرات العاملين في فرق إزالة الألغام، متجهين إلى الجبال والسهول الملوثة ببقايا المتفجرات التي خلفتها الحروب منذ ستينيات وثمانينيات القرن الماضي. 35 فريقًا مختصًا يعملون على جمع وتدمير هذه المخلفات الحربية، ضمن خطة دقيقة وبتجهيزات حديثة، حمايةً لحياة المواطنين وتعزيزًا للأمان في مناطق الإقليم.
فاخر مصطفى، أحد العاملين في إزالة الألغام، يحمل قصة مأساوية لا تغادر ذاكرته، ويروي لـ"كوردستان24"، "عندما انفجر اللغم، طرت لمسافة خمسة أمتار وسقطت في منطقة آمنة. كان بإمكاني فقدان حياتي أو أطرافي لولا سترتي الواقية وخوذتي. تم نقلي إلى مستشفى الطوارئ في جومان، وكتب لي عمر جديد."
فاخر وغيره من العاملين يواجهون يومياً ثلاثة تحديات كبرى، التضاريس الوعرة، الألغام المزروعة، ثم مخاطر الثعابين والعقارب والنباتات السامة، وهو ما أكده أيضًا مخلص محمد شريف، مدير النشاطات في المديرية العامة للألغام، الذي أشار إلى إصابة 49 عاملًا خلال عملهم بسبب هذه المخاطر، إضافة إلى معاناة الكثيرين من إصابات جسدية نتيجة العمل الطويل في ظروف قاسية.
ولا تقف المخاطر عند هذا الحد، حيث أشار شريف إلى الأضرار البيئية وإصابات المدنيين، مضيفًا أن العمل في إزالة الألغام يتسبب أيضًا في مشكلات صحية للعاملين مثل الجروح والانزلاق الغضروفي نتيجة ساعات العمل الطويلة على الركب في مختلف الظروف المناخية.
من جانبه، أوضح ميران علي، المدير الفني في مؤسسة إزالة الألغام بحكومة إقليم كوردستان، أن فرقهم استفادت مؤخرًا من طائرات بدون طيار مقدمة من منظمة "هانديكاب إنترناشيونال"، كما تم استخدام الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائل توعوية بين سكان المناطق الملوثة، في مسعى لتقليل عدد الضحايا. وقد خصصت وكالة الألغام رقم الخط الساخن 182 للإبلاغ عن الأجسام المشبوهة والحالات الطارئة.
وتُظهر الإحصائيات الرسمية أن من أصل 767 كيلومترًا مربعًا ملوثة، تم تنظيف 250 كيلومترًا في مناطق متعددة من كوردستان، أبرزها: بنجوين (40 كم)، شابازير (30 كم)، سوران (22 كم)، جومان (21 كم)، خانقين (18 كم)، حلبجة (11 كم)، والعمادية (4 كم).
كما تم إزالة 144,863 لغمًا وتفكيك 4,863 لغمًا مزروعًا، بالإضافة إلى معالجة أكثر من 323 ألف من المخلفات الحربية.
وعلى صعيد الضحايا، أُصيب خلال النصف الأول من العام الحالي 24 شخصًا جراء انفجار الألغام الأرضية، توفي منهم 8، بحسب أرقام مؤسسة الألغام.
ورغم تراجع الدعم من بعض المنظمات الدولية مثل MAG وSOS نتيجة تقليص المساعدات الأمريكية، تواصل فرق إزالة الألغام في كوردستان عملها دون توقف. وقد تم مؤخرًا افتتاح مديرية شؤون الألغام في حلبجة، في خطوة جديدة لتعزيز جهود تطهير الأراضي، وسط تعهد الجميع بالاستمرار حتى إزالة آخر لغم من أراضي كوردستان.
تقرير : نيان بارزان – كوردستان24 - أربيل