قلعة أربيل.. 8000 عام من التاريخ تستعيد أنفاسها

أربيل (كوردستان24)- في قلب مدينة أربيل، حيث ينبض التاريخ في كل حجر وزقاق، تقف قلعة أربيل شامخة على تلةٍ حملت ذاكرة البشر لثمانية آلاف عام. هذه القلعة العريقة تجسد الجذور الضاربة في أعماق الحضارة، شاهدةً على أقدم استيطان بشري متواصل في العالم. واليوم، تدخل القلعة مرحلة جديدة من حياتها عبر أوسع عملية ترميم تشهدها على الإطلاق.
جولة في ذاكرة مدينة
بمجرد عبور البوابة الرئيسية، يشعر الزائر وكأنه عاد قروناً إلى الوراء؛ الأزقة المرصوفة بالحجارة، والمنازل الطينية المتلاصقة، والحمامات القديمة، والأسواق التي كانت تعج بالحياة. جميعها تروي حكايات عن مدينة لم تنم قط. واليوم، وقد أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي، تخضع القلعة لأكبر مشروع ترميم في تاريخها، للحفاظ على أصالتها وإعادة فتح أبوابها أمام العالم.
مشروع بدعم حكومي ومعايير دولية
فلاح حسن، رئيس الهيئة العليا لتطوير قلعة أربيل، يقول لكوردستان24: "القلعة ليست ملكاً لأربيل وحدها، بل هي إرث لكوردستان بأكملها. لهذا السبب، تولي حكومة الإقليم، وبدعم مباشر من رئيس الوزراء مسرور بارزاني الذي زار الموقع مرات عدة، اهتماماً كبيراً بهذا المشروع."
ويضيف أن الترميم يتم وفق أدق معايير اليونسكو: "لا نستخدم مواد حديثة، بل نعتمد على نفس المواد والأساليب التقليدية التي بُنيت بها القلعة. كل حجر وخشبة تعاد إلى مكانها الأصلي. العمل شاق، لكنه ضروري للحفاظ على روح المكان."
أصداء من الماضي وأمل في المستقبل
بين أروقة القلعة، يختلط الحنين بالأمل. محمود رسول، أحد قدامى العاملين فيها، يستذكر ذكرياته: "هذه القلعة بيتي. في الماضي كانت الحياة هنا أبسط وأجمل. أتمنى أن تعود كما كانت."
ويقول بائع كتب قديم في السوق القريب: "منذ عام 1991 ارتبطت حياتي بالقلعة. إنها فخر لنا جميعاً."
أما الشباب فيرون فيها مستقبلاً واعداً، ويأملون أن تتحول قريباً إلى فضاء نابض بالثقافة والسياحة.
كنوز قيد الترميم
تشمل أعمال الترميم معالم بارزة، منها الحمّام الأثري الذي يتراوح عمره بين 250 و750 عاماً، والذي تسعى المهندسة بفرين عمر وفريقها لتحويله إلى متحف يروي تاريخه العريق. أما المسجد الكبير الذي يتجاوز عمره 400 عام، فقد شارف على الانتهاء من الترميم، ومن المقرر فتحه قريباً أمام المصلين والزوار.
إرث للأجيال القادمة
ترميم قلعة أربيل ليس مشروعاً عمرانياً فحسب، بل رسالة حضارية للعالم بأن شعب كوردستان متمسك بجذوره وتراثه. ومع كل حجر يُعاد إلى مكانه، تنبعث الحياة من جديد في هذا الصرح التاريخي، ليظل شاهداً على حضارة عريقة ومنارة ثقافية للأجيال القادمة.