وثائقي "ومن أحياها": مشروع مياه أربيل الطارئ.. شريان حياة جديد للعاصمة

أربيل (كوردستان24)- في مواجهة تحديات الجفاف والتغير المناخي التي تهدد المنطقة، انطلق "مشروع مياه طوارئ أربيل"، وهو مشروع استراتيجي ضخم، يهدف إلى تأمين مستقبل المياه لمدينة أربيل وسكانها، وإنهاء الاعتماد شبه الكلي على المياه الجوفية التي بدأت مواردها بالنضوب.

خطر محدق وحل استراتيجي

على مدى عقود، اعتمدت أربيل بشكل كبير على الآبار الجوفية لتلبية احتياجاتها المائية. إلا أن "حرب المياه" القائمة، والاحتباس الحراري المتسارع، والجفاف غير المسبوق الذي ضرب العراق وكوردستان، كلها عوامل أدت إلى انخفاض خطير في منسوب المياه الجوفية، مما شكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل المدينة.

من هذا المنطلق، وبمبادرة من حكومة إقليم كردستان، وُلدت فكرة المشروع الطارئ لسحب المياه من نهر الزاب الأعلى، أحد أكبر روافد نهر دجلة، وتنقيتها وضخها لتلبية احتياجات سكان العاصمة.

بعد إسناد المشروع إلى " مجموعة هيمن "، بدأت الأعمال التنفيذية بوتيرة متسارعة وعلى مدار الساعة، وشملت ثلاث محطات رئيسية متزامنة:

محطة السحب (Water Intake): تقع في منطقة كوركوسك على نهر الزاب الأعلى.

محطة التصفية (Water Treatment Plant): تقع في منطقة كينج، على بعد 7 كيلومترات من محطة السحب.

محطة الخزانات الرئيسية والتوزيع (Main Reservoir): تقع في منطقة سيبران، على بعد 11.5 كيلومتر من محطة التصفية، ومنها يتم توزيع المياه إلى شبكة أربيل.

تقنيات متقدمة لضمان نقاء المياه

يتبع المشروع أحدث التقنيات العالمية في معالجة المياه لضمان جودتها الفائقة ومطابقتها لمعايير منظمة الصحة العالمية (WHO). وأوضح هيمن نظيف، المشرف الحكومي على المشروع، أن العملية تبدأ بتهوية المياه عبر شلالات صناعية لزيادة نسبة الأكسجين، تليها إضافة مواد كيميائية مثل "كبريتات الألومنيوم" و"البوليمرات" التي تساعد على تلبيد وتجميع الشوائب لتسهيل عملية الترسيب.

بعد ذلك، تمر المياه بمرحلة الترشيح عبر أحواض تحتوي على طبقات من رمال السيليكا عالية النقاوة، لإزالة أي مواد صلبة عالقة. وأخيرًا، يتم تعقيم المياه بيولوجيًا باستخدام غاز الكلور المحفوظ في أسطوانات محكمة وآمنة، للقضاء على أي بكتيريا أو ملوثات متبقية، لتصل نسبة نقاء المياه إلى 99.5%، وهي نسبة تفوق المعيار المسموح به (95%).

إنجازات وتطلعات مستقبلية

بفضل العمل الدؤوب، تم وضع حجر الأساس للمشروع في 8 سبتمبر 2024. وفي 20 يوليو 2025، أعلنت حكومة إقليم كوردستان عن تدشين المرحلة الأولى وضخ المياه بنجاح إلى أربيل.

وصرح المهندس أنس مازن، مدير المشروع من قبل "هيمن كروب"، قائلًا: "هذا المشروع هو الأكثر كفاءة في إنتاج المياه على مستوى العراق. جودة المياه عالية جدًا وتتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية".

بدوره قال آري أحمد قادر، المدير العام لدائرة المياه والصرف الصحي في كوردستان: "الهدف من هذا المشروع هو استبدال مياه الآبار بمياه سطحية. ومع اكتمال المشروع، سيتم إيقاف أكثر من 1000 بئر عميق في أربيل، مما سيساهم في الحفاظ على مخزوننا من المياه الجوفية".

بتكلفة إجمالية بلغت 480 مليون دولار أمريكي، سيوفر المشروع عند اكتماله 480 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يوميًا. هذا الإنجاز لن يحل فقط أزمة المياه التي كانت تهدد أحياء وصلت إليها المياه مرة واحدة في الأسبوع، بل سيحقق هدفين استراتيجيين: توفير المياه، والحفاظ عليها، ليكون بحق مشروعًا "أحيا" مدينة بأكملها.

 
Fly Erbil Advertisment