سلسلة اعترافات بدولة فلسطين في مؤتمر تاريخي للأمم المتحدة

أربيل (كوردستان24)- اعترفت فرنسا وعدّة دول أخرى الإثنين بـ"دولة فلسطين" من على منبر الأمم المتحدة، في مسعى إلى زيادة الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة في سياق مبادرة تاريخية لكن مفعولها ما زال رمزيا.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك التي تطغى الحرب في غزة على جدول أعمالها هذه السنة "فرنسا تعترف اليوم بدولة فلسطين (..) من أجل السلام بين الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني"، ليعلو التصفيق في القاعة.
وأضاف "حان الوقت لوقف الحرب والقصف في غزة والمجازر وفرار السكان... حان وقت السلام لأننا على وشك أن نصبح عاجزين عن تلقّفه".
وأوضح الرئيس الفرنسي أن إقامة سفارة فرنسية في دولة فلسطينية عتيدة سيكون مرهونا بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
وفي هذه الجلسة التي لم تحضرها لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل، حذت بلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا حذو فرنسا باعترافها رسميا بدولة فلسطين.
وشجبت الدولة العبرية وحليفتها الأميركية سلسلة الاعترافات هذه التي سبقتها إجراءات مماثلة اتّخذتها الأحد بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن الرئيس دونالد ترامب، الحليف الأبرز لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، يرى في الاعتراف بدولة فلسطين "مكافأة لحماس".
وأمسك ماكرون بزمام هذه المبادرة خلال مؤتمر ترأسه إلى جانب السعودية حول مستقبل حلّ الدولتين، بعد أشهر من المساعي الدبلوماسية المكثّفة لحشد أكبر عدد ممكن من البلدان ورسم خطّة سلام.
وأفضت الجهود المبذولة إلى اعتماد نصّ بالأغلبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤيّد دولة فلسطينية عتيدة مع إقصاء حركة حماس من حكمها. وهو شرط تتمسّك به عدّة عواصم غربية.
وألقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كلمته في المؤتمر عبر الفيديو إثر رفض السلطات الأميركية منحه تأشيرة دخول لحضور الاجتماع على هذه المسألة.
لا دور لحماس
وقال عباس "لن يكون لحماس دور في الحكم، وعليها وغيرها من الفصائل تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية"، مضيفا "نؤكّد إدانتنا لجرائم الاحتلال، كما ندين قتل وأسر المدنيين بما في ذلك ما قامت به حماس في 7 أكتوبر 2023".
وباتت 151 دولة على الأقلّ من البلدان الـ193 العضو في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس.
ودعا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان "بقية الدول إلى اتخاذ هذه الخطوة التاريخية التي سيكون لها بالغ الأثر في دعم الجهود باتجاه تنفيذ حلّ الدولتين وتحقيق السلام الدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط".
غير أن هذه الاعترافات لا تغيّر وضع الفلسطينيين في الأمم المتحدة الذين يحظون بصفة مراقب في المنظومة، في ظلّ حؤول الولايات المتحدة دون منحهم العضوية الكاملة.
وطالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز المعروف بنقده الشرس لإسرائيل بجعل "دولة فلسطين عضوا بصفة كاملة في منظمة الأمم المتحدة".
ولا تنوي ألمانيا الاعتراف بدولة فلسطين في المستقبل القريب، حالها حال إيطاليا التي عمّتها تظاهرات الإثنين تنديدا بـ"الإبادة الجماعية في غزة".
وفي فرنسا، لقي الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين ترحيب حوالي مئة بلدية برئاسة أحزاب يسارية رفعت العلم الفلسطيني على واجهة مبانيها.
المحو المتسارع للفلسطينيين
ولا يخفي بعض الدبلوماسيين تخوفّهم من اتّخاذ إسرائيل ردود انتقامية.
وأكد نتانياهو الأحد أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية، مهددا بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، بينما دعا وزيران إسرائيليان من اليمين المتطرف هما إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى ضم هذه الأرض الفلسطينية المحتلة.
لكنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد في مقابلة مع وكالة فرانس برس على ضرورة "ألا يخشى العالم" من "ردّ الفعل الانتقامي، لأنه سواء قمنا بما نقوم به أم لا، هذه الاجراءات ستستمر"، في إشارة إلى الحرب في غزة وعمليات الضمّ في الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، يُنتظر خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة، وكذلك خطاب ترامب الثلاثاء.
ورأى ماكس رودنبيك من مجموعة الأزمات الدولية أن أي جهد دبلوماسي لدعم حقوق الفلسطينيين "مرحب به" لكن، من دون "تدابير ملموسة" مصاحبة، فإن هذه الاعترافات قد "تصرف الانتباه عن الواقع، وهو المحو المتسارع لحياة الفلسطينيين في وطنهم".
وأسفر هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.
وقتل في قطاع غزة منذ بدء الحرب أكثر من 65 ألف شخص معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحركة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.