مرور ثماني سنوات على استفتاء كوردستان التاريخي

أربيل (كوردستان24)- ثماني سنوات مضت على استفتاء إقليم كوردستان التاريخي، الذي جرى في مثل هذا اليوم، 25 أيلول/سبتمبر 2017. حينها، توجه شعب كوردستان في جنوب كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، بحماس كبير إلى صناديق الاقتراع ليقرر مصيره في استفتاء تاريخي. كانت النتائج تعبيرًا واضحًا عن إرادة الغالبية العظمى من الشعب، حيث صوت 92.7% بـ "نعم" للاستقلال. واليوم، بينما نُحيي ذكرى ذلك اليوم، لا يزال الاستفتاء يمثل ورقة سياسية قوية ودليلًا لا يمكن إنكاره في يد الكورد.
أسباب إجراء الاستفتاء
نشأت فكرة إجراء استفتاء الاستقلال من التراكمات العديدة للصراعات بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الفيدرالية العراقية. الانتهاكات المستمرة للدستور من قبل بغداد، ولا سيما عدم تنفيذ المادة 140 لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها، وقطع ميزانية الإقليم عام 2014، وتجاهل مبادئ الشراكة والتوازن، دفعت القيادة السياسية الكوردستانية، بقيادة الرئيس مسعود بارزاني، إلى التفكير في بدائل أخرى.
في 7 حزيران/يونيو 2017، وخلال اجتماع ترأسه الرئيس بارزاني بمشاركة عدد كبير من الأطراف السياسية الكوردستانية، تقرر تحديد يوم 25 أيلول/سبتمبر موعدًا لإجراء الاستفتاء. الرئيس بارزاني، الذي عُرف كمهندس ورائد للعملية، أكد باستمرار أن شعب كوردستان له الحق المشروع في تقرير مستقبله وحسم هذه القضية بطريقة سلمية وديمقراطية.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
واجه إجراء الاستفتاء معارضة وضغوطًا دولية وإقليمية شديدة. الدول المجاورة، وخاصة تركيا وإيران، إلى جانب الحكومة العراقية، عارضت هذه الخطوة بشدة. كما طالبت القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، بتأجيل العملية بذريعة تأثيرها على الحرب ضد داعش. على الرغم من كل الضغوط، أصرت القيادة الكوردستانية على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد، إيمانًا منها بأنها فرصة تاريخية لإيصال صوت شعب كردستان المسالم إلى العالم.
يوم التصويت والنتائج
في صباح 25 أيلول/سبتمبر، توجه المواطنون، بجميع مكوناتهم القومية والدينية وألوانهم، إلى مراكز الاقتراع. وفقًا للإحصائيات الرسمية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء، شارك أكثر من 3 ملايين و305 آلاف شخص في العملية، ما يمثل نسبة 72% من الذين يحق لهم التصويت. ونتيجة لذلك، صوت 92.73% من المشاركين بـ "نعم"، بينما صوت 7.27% فقط بـ "لا".
تداعيات وأحداث ما بعد الاستفتاء
على الرغم من تسجيل الاستفتاء كإنجاز تاريخي ووطني لشعب كوردستان، إلا أن الأحداث اللاحقة سارت في اتجاه غير متوقع. مارست الحكومة العراقية، بالتنسيق مع دول المنطقة، ضغوطًا سياسية واقتصادية وعسكرية شديدة على إقليم كوردستان. الحصار الجوي، وإغلاق المعابر الحدودية، وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، الهجوم العسكري على كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى، أدى إلى خسارة ما يقرب من 51% من أراضي جنوب كوردستان.
الاستفتاء كـ "ورقة قوية" للمستقبل
على الرغم من كل التداعيات السلبية، يتفق المراقبون السياسيون وخبراء العلاقات الدولية على أن الاستفتاء يظل وثيقة تاريخية وورقة سياسية قوية في يد الكورد.
صرح سامان سوراني، المحلل السياسي، لـ "كوردستان 24" قائلًا: "يمكن لشعب كوردستان استخدام هذه الورقة كدليل تاريخي في كل الأوقات، بأن الشعب الكوردي موجود وأجرى استفتاء وصوت بنعم للاستقلال."
ويؤكد برويز رحيم، خبير العلاقات الدولية، على شرعية حق الكورد، ويقول: "هذا الاستفتاء هو شكل من أشكال إخبار العالم الخارجي بما تريده... الكورد لم يجروا استفتاء من أجل الرواتب والسلطة، بل صوتوا من أجل قضية تسمى السيادة الوطنية لتتجسد ضمن إطار الدولة."
في الذكرى الثامنة لهذه المناسبة التاريخية، لا يزال صوت "نعم" لشعب كوردستان يدوي في أذن التاريخ، ويبقى حلمًا وهدفًا لا ينسى للأجيال القادمة.