أحد أكبر الأحياء العشوائية في فرنسا مهدّد بالإزالة

أكواخ في حيّ ستانز الفقير، خارج باريس. يعيش ما بين 1300 و1500 شخص (فرانس برس)
أكواخ في حيّ ستانز الفقير، خارج باريس. يعيش ما بين 1300 و1500 شخص (فرانس برس)

أربيل (كوردستان 24)- وسط حدائق يزرعها العمّال في سين سان دوني في منطقة باريس، يظهر حي ستان العشوائي الذي يُعدّ من أكبر المناطق السكانية العشوائية في فرنسا القارية. هناك، بين الصفائح المعدنية والمساحات الخضراء، تعيش عائلات معظمها من الغجر تحت تهديد دائم بإزالة مخيماتها. 

يدخل طاقم طبي وفريق من العاملين الاجتماعيين من منظمة "أطباء العالم" (MdM) مرتدين سترات بيضاء، زقاقا ترابيا صغيرا، حيث يلعب الأطفال وتصيح الديوك. على اليمين، تظهر ساحة صغيرة تتوزع فيها أكواخ عشوائية. تُسرع أمّ شابة إلى طبيبة متخصصة بالأطفال، فيما تبدي أخرى قلقها بشأن أنباء عن إخلاء وشيك.

قد يبدو هذه المكان "ريفيا حين يكون الطقس جميلا"، لكنه ليس سوى "مكان للبقاء على قيد الحياة"، على ما يقول كليمان إتيان، منسق برنامج الأحياء العشوائية في المنظمة غير الحكومية، خلال زيارة في مطلع أيلول/سبتمبر.                             

يقطن هذا الموقع أكثر من ألف شخص. وتُسهم "المراحيض البدائية" في انتشار الأمراض، بينما تصل درجات الحرارة داخل الأكواخ البسيطة، خلال موجات الحر، إلى نحو 50 درجة مئوية، على ما يوضح المسؤول.                           

أمام عربة السكن المتنقلة الخاصة بها، تُعرب إيوانا عن قلقها بشأن احتمال تفكيك المخيمات، وهي خطوة باتت أولوية للحكومة.   

تقول المرأة الخمسينية التي فسّر مترجم أقوالها على غرار آخرين قابلتهم وكالة فرانس برس "لا أعرف إلى أين سنذهب".  

تعيش بائعة السلع المستعملة هذه في المكان منذ خمس سنوات. تقول إنها تقدمت بطلب للحصول على مسكن وتتمنى أن "تتمكن من العيش في منزل".

- "الاستقرار" -    

في هذا الحي الفقير، الذي لم تحصل فيه أي عمليات إخلاء منذ أكثر من عشر سنوات، يعبّر السكان عن تقديرهم لهذا "الاستقرار"، بحسب كليمان إتيان.

يخشى فاسيلي (58 عاما) أن يجد نفسه في الشارع مع عائلته بعد ثماني سنوات في هذا المكان، ويشعر بـ"قلق بالغ" من إخلائه لأن عددا من الأطفال يذهبون إلى المدرسة. ومع ذلك، غالبا ما يُشكّل إرسال الأولاد إلى المدرسة عقبة أمام الغجر.

يقول محافظ سين سان دوني جوليان شارل "إنّ هذا الحيّ لا يُمكن أن يبقى على حاله"، مُشيرا إلى "مشاكل صحية" و"إشكالات تتعلق بالسكان المجاورين" و"اضطرابات مُختلفة في النظام العام".

في إطار سياسة إزالة الأحياء الفقيرة، ستُكلّف المحافظة جمعية بإجراء تقييم لحالة العائلات المقيمة. ويؤكد المحافظ أن عملية الإخلاء لن تتم قبل الربيع المقبل.

تشكل إزالة هذا الحي العشوائي رغبة لمنظمة "أطباء العالم" أيضا، لكن شرط أن تحصل كل العائلات على مساكن دائمة.

- "كأنني طائر" -  

في انتظار تطبيق هذا الإجراء، تنتشر "شائعات" الإخلاء في ستان، مما يُثير "الخوف" بين قاطني الحي، بحسب العامل الاجتماعي في منظمة "أطباء العالم" بوغدان بينتيا.

يرافق بينتيا هذه الفئات السكانية المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي، في إجراءاتها الإدارية. في ذلك اليوم من أيلول/سبتمبر، حضر برفقة طبيبة عامة متطوعة كجميع مُقدمي الرعاية في المنظمة غير الحكومية.

يفتح جيورجي (اسم مستعار) باب كوخه الصغير الذي تفوح منه رائحة التبغ والمليء بعلب الأدوية. يُعاني رجل الإطفاء السابق الذي عمل لثلاثين عاما في رومانيا، من مشاكل صحية. وكان طُرد خلال هذا الصيف من حي فقير آخر في لا كورنوف (شمال باريس).

يقول الرجل النحيل "أشعر وكأنني مُسافر، كأنني طائر".      

يؤكد إتيان أنّ "كل عملية إخلاء تُحدث انقطاعا في مسار تلقي الرعاية الصحية". تحاول فرق منظمة "أطباء العالم" ترتيب موعد للرجل الستيني الذي يستفيد من مساعدة طبية حكومية، تتيح للأجانب ذوي الدخل المحدود الحصول على تغطية كاملة لتكاليف الرعاية الصحية.        

وصل إيونيل إلى فرنسا مع زوجته قبل بضعة أشهر، بعد 14 عاما قضاها في السجن في رومانيا، لزيارة أقاربه الذين يعيشون في الحي الفقير.

يقول هذا الرجل الخمسيني الذي يرغب في الاستقرار في فرنسا "نحن الغجر نعاني من تمييز شديد".                                          

وفي تقريرها السنوي لعام 2024، قالت اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان "على الرغم من التحسن الملحوظ هذا العام، الغجر هم الأقلية الأكثر تعرضا للوصم والتمييز" في فرنسا.

بعد قضاء ساعات عدة في الحي الفقير، يغادر الأطباء  والعاملون الاجتماعيون التابعون لمنظمة "أطباء العالم".

في نهاية عام 2024، كان نحو عشرة آلاف شخص من الاتحاد الأوروبي يعيشون في نحو 227 حيا فقيرا في فرنسا القارية، بحسب الحكومة. ونُقل نحو 1500 شخص إلى مساكن جديدة عام 2023.

AFP

 
Fly Erbil Advertisment