إسرائيل تقرّ المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في غزة

أربيل (كوردستان24)- أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنّها أقرّت فجر الجمعة المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة والتي تنصّ خصوصا على إطلاق حماس جميع الرهائن المحتجزين في القطاع، أحياء وأمواتا، وإفراج الدولة العبرية عن معتقلين وأسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات للقطاع المدمّر.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان إنّ "الحكومة وافقت للتوّ على إطار عمل لإطلاق سراح جميع الرهائن - سواء كانوا أحياء أو أمواتا".

ويشكّل إقرار الاتفاق محطة أساسية باتجاه إنهاء الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس منذ سنتين في القطاع الفلسطيني المُحاصر والمدمّر والتي أوقعت عشرات آلاف القتلى وخلّفت كارثة إنسانية.

وبحسب المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان فإنّ الاتّفاق لن يدخل حيّز التنفيذ إلا "في غضون 24 ساعة" من المصادقة عليه.

وأوضحت المتحدثة أنّه يتعيّن على حماس بموجب الاتفاق أن "تُفرج عن جميع رهائننا، الأحياء منهم والأموات، في غضون 72 ساعة كحدّ أقصى بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أي بحلول يوم الإثنين".

وأضافت أنّه في غضون 24 ساعة من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ستنسحب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق التي تنتشر فيها، لكنها ستبقي سيطرتها على 53% من أراضي قطاع غزة.

وأتى إقرار الاتفاق بعيد إعلان إسرائيل أنّ جميع الأطراف المعنية وقّعت في مصر على هذه المرحلة الأولى من خطة ترامب.

وقالت بدرسيان إنّه "تمّ توقيع المسودة النهائية للمرحلة الأولى هذا الصباح في مصر من جميع الأطراف لإطلاق سراح جميع الرهائن" المحتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إطلاق سراح الرهائن "يجب أن يضع حدّا للحرب".

وكان وزيرا المال والأمن القومي الإسرائيليان المتطرفان بتسلئيل سموطريش وإيتمار بن غفير أكّدا أنّهما سيعارضان الاتفاق، معربين عن رفضهما لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ولا سيما أولئك الذين يقضون أحكاما بالسجن المؤبّد لقتلهم إسرائيليين.

بالمقابل، أكّد كبير مفاوضي حماس خليل الحيّة الذي نجا الشهر الماضي من استهداف إسرائيلي في الدوحة، أن الحركة تسلّمت "ضمانات من الإخوة الوسطاء ومن الإدارة الأميركية مؤكدين جميعا أن الحرب انتهت بشكل تام".

وأتى الإعلان عن الاتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت أربعة أيام بعيدا عن الأضواء في مدينة شرم الشيخ بمصر وشارك فيها وسطاء أميركيون ومصريون وأتراك وقطريون.

في الأثناء، أعلن ترامب أنه يخطط للتوجّه الأحد إلى الشرق الأوسط. وقال للصحافيين في المكتب البيضوي "سيعود الرهائن الاثنين أو الثلاثاء. سأكون هناك على الأرجح. آمل بأن أكون هناك. نخطط للمغادرة في وقت ما يوم الأحد وأتطلع لذلك".

كما أكد على أن "أحدا لن يُجبر على مغادرة" غزة بناء على خطته.

وفي واشنطن، أعلن مسؤولون أميركيون كبار أنّ واشنطن سترسل إلى الشرق الأوسط فريقا مكوّنا من 200 عسكري أميركي لـ"الإشراف" على تطبيق الاتفاق.

وقال مسؤول كبير للصحافيين إنّ الأدميرال براد كوبر، القائد الجديد للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، "سيكون لديه في البداية 200 شخص على الأرض"، من دون أن يوضح عن أيّ أرض بالتحديد يتحدّث.

لكنّ مسؤولا أميركيا كبيرا ثانيا أكّد أنّ "لا نيّة لنشر جنود أميركيين في غزة".

وأوضح المسؤول الأول أنّ دور هؤلاء الجنود "سيكون الإشراف والمراقبة والتأكّد من عدم وجود انتهاكات. ستكون مهمّتهم الأساسية الإشراف".

وأوضح أنّ مسؤولين عسكريين مصريين وقطريين وأتراكا وربّما أيضا إماراتيين سينضمّون إلى الفريق.

ولفت إلى أنّ "الفكرة هي أن يكون الفريق جماعيا. من الواضح أنّ الإسرائيليين سيكونون على اتصال دائم" بهذا الفريق.

واعتبر المسؤول الأميركي أنّ "إشراك الأدميرال كوبر منح الكثير من الثقة والأمان للدول العربية، وبهذه الطريقة فقد تمّ نقل رسالة إلى حماس مفادها أنّنا نتولى دورا قويا للغاية، أو أنّ الرئيس يتّخذ موقفا قويا للغاية في دعمه لضماناته والتزاماته".

وبحسب المسؤول الثاني فإنّ الهدف يتمثّل بأن يتمّ، بدعم من الجيش الأميركي، تشكيل "قوة استقرار دولية".

وأوضح هذا المسؤول أنّ الغرض من وجود العسكريين الأميركيين هو "المساعدة في إنشاء مركز التحكم المشترك ومن ثم دمج سائر القوات الأمنية التي ستدخل إلى هناك لتجنّب أيّ احتكاك مع الجيش الإسرائيلي".

ولفت إلى أنّه بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما حصل فجر الجمعة، تبدأ مهلة "72 ساعة" ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي إلى مواقع متّفق عليها مسبقا، وتُجرى خلالها عملية تبادل الرهائن الإسرائيليين بمعتقلين وأسرى فلسطينيين.

 

احتفالات 
ومنذ الساعات الأولى لفجر الخميس، تجمّع شبّان فلسطينيون خارج مستشفى ناصر في خان يونس حيث غنوا ورقصوا على وقع أغان وطنية فرحين بالتوصل إلى اتفاق ينهي سنتين من الحرب في قطاعهم المحاصر والمدمّر.

وقال أيمن النجار لمراسل وكالة فرانس برس "رغم الجراح ورغم الإبادة التي تعرضنا لها وفقدان الأحبة والأقارب لكننا سعداء وفرحتنا كبيرة بسبب وقف إطلاق النار".

وفي "ساحة الرهائن" في تل أبيب، تجمع آلاف الإسرائيليين مبتهجين على أمل عودة الرهائن، بعد سنتين من الانتظار والقلق.

وقالت راشيل بيري لمراسل وكالة فرانس برس "جئنا جميعا من المكتب إلى هنا لأننا ببساطة غير قادرين على التركيز والعمل. إنه يوم انتظرته إسرائيل كلها لعامين، في كل ثانية، كل يوم".

ومن بين 251 شخصا خُطفوا ونُقلوا إلى غزة خلال هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي أشعل الحرب، لا يزال 47 رهينة محتجزين، بينهم ما لا يقل عن 25 قُتلوا، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.

وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتسببت بكارثة إنسانية واسعة في القطاع.

وفي مقابلة نادرة أجرتها معه قناة تلفزيونية إسرائيلية الخميس، أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس عن أمله في أن يسود "السلام والأمن والاستقرار" بين الفلسطينيين والدولة العبرية.

واعتبر عبّاس عبر شاشة القناة 12 أنّ إبرام اتفاق غزة هو "يوم عظيم جدا".

وقال "لقد تأمّلنا أو نتأمّل الآن، أن يقف شلال الدم هذا الذي يحصل في بلادنا، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية والقدس"، مضيفا "اليوم، نحن سعداء أنّ شلال الدم قد توقّف ونأمل أن يستمرّ، وأن يسود السلام والأمن والاستقرار بيننا وبين إسرائيل".

وقبل مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق أفاد مراسلو فرانس برس وشهود في غزة مساء الخميس بسماع دوي انفجارات وإطلاق نار مدفعي في وسط القطاع وجنوبه.

وفي هذا السياق، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل إلى "التهدئة أو وقف إطلاق النار" إلى حين توقيع الاتفاق، معتبرا أن استمرار الغارات "قد لا يتوافق مع روح الاتفاق".

من جانبه، أكد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أن المتمرّدين سيراقبون من كثب إن كان الاتفاق سيطبق فعلا قبل إيقاف عملياتهم ضد الدولة العبرية.

وقال مسؤول فلسطيني إن الرهائن الأحياء سيُفرج عنهم مقابل نحو ألفي أسير فلسطيني تحتجزهم إسرائيل، بالتزامن مع انسحابات إسرائيلية محدّدة من غزة والسماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية، من دون أن يذكر مصير الرهائن المتوفين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته أنه يستعد لإعادة تموضع قواته داخل قطاع غزة.

وخلال اتصال هاتفي الخميس، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي الرئيس الأميركي "على جهوده القيادية العالمية التي جعلت كل ذلك ممكنا"، بحسب المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، معتبرا، شأنه شأن الرئيس المصري، أن ترامب "يستحق جائزة نوبل للسلام".

 

المرحلة المقبلة 
وقال مسؤول في حركة حماس إن المفاوضات حول المرحلة الثانية من خطة ترامب ستبدأ "فورا" بعد توقيع اتفاق المرحلة الأولى.

ونصّت خطة ترامب المكونة من 20 نقطة إلى جانب وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، على أن تدير شؤون غزة لجنة فلسطينية من التكنوقراط بإشراف "مجلس السلام" برئاسة ترامب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، من دون أن يكون لحماس أي دور في حكم القطاع.

لكن القيادي في حركة حماس أسامة حمدان أكد الخميس في حديث لقناة العربي التلفزيونية ومقرها قطر، أنّ الحركة ترفض هذا المقترح، قائلا "لا يقبل فلسطيني هذا، كل الفصائل بما فيها السلطة الفلسطينية لا تقبل ذلك".

كما أكد ترامب أن نزع سلاح حماس سيكون جزءا من المرحلة الثانية من الاتفاق بشأن غزة، في ظل إصرار إسرائيل على وجوب تخلي الحركة عن سلاحها.

وكانت الحركة أكدت موافقتها على الإفراج عن الرهائن وتولّي هيئة من المستقلين الفلسطينيين إدارة غزة، لكنها لم تتطرق إلى مسألة نزع سلاحها، وشدّدت على وجوب البحث في بنود الخطة المتعلقة بـ"مستقبل القطاع".

وسمحت هدنتان سابقتان في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ومطلع 2025 بتبادل رهائن ومعتقلين فلسطينيين.

 
 
Fly Erbil Advertisment