حديقة العلوم التابعة لمعهد كوردستان للابتكار.. صرح علمي جديد يجمع بين البحث والإبداع في أربيل

أربيل (كوردستان 24)- في خطوة رائدة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وضع مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان الحجر الأساس، لحديقة العلوم التابعة لمعهد الابتكار (Kurdistan Institute for Innovation – KII) في مدينة أربيل، ليكون مركزًا علميًا وبحثيًا متكاملًا يجمع بين التعليم العالي وقطاع الأعمال والإدارة العامة ضمن بيئة واحدة محفّزة على الإبداع، تُعرف بالمفهوم العالمي للمجمعات البحثية المكثفة (Research-Intensive Clusters – RIC).
بيئة علمية محفزة للابتكار
يهدف المشروع إلى إنشاء ما يُعرف بـ«مجمع العلوم» داخل معهد كوردستان للابتكار، وهو منظومة تجمع الأكاديميين ورواد الأعمال والمؤسسات الحكومية في مكان واحد، لتبادل الخبرات وتطوير الأفكار وتحويلها إلى مشاريع وشركات ناشئة.
يأتي هذا النموذج في إطار ما يُعرف عالميًا بـ«تحالف الحلزون الثلاثي» الذي يربط الجامعة بالصناعة بالحكومة، وهو نموذج أثبت نجاحه في دعم الاقتصاد القائم على المعرفة في العديد من الدول المتقدمة.
ويؤكد القائمون على المشروع أن الهدف الأساسي هو تحويل كوردستان إلى بيئة علمية واقتصادية مستدامة، قادرة على احتضان الأفكار الجديدة، وتسهيل نقل التكنولوجيا بين مراكز البحث وقطاع الإنتاج.

تحت رعاية رئيس الحكومة
تم إطلاق المشروع رسميًا برعاية رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني، في إطار مساعي الحكومة لتأسيس قاعدة علمية تدعم القطاعات الإنتاجية وتخلق فرص عمل قائمة على التكنولوجيا والمعرفة.
ويُتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز الاقتصاد الإقليمي الموجَّه نحو المستقبل، وتطوير البنية التحتية البشرية عبر دعم رواد الأعمال والمبدعين الشباب.
تصميم مستوحى من الجبال والأنهار
المخطط المعماري لمجمع العلوم هو عمل فني بحد ذاته، إذ يستوحي تصميمه من طبيعة كوردستان الغنية بالجبال والوديان والتلال.
يصف المصممون الفكرة بأنها «ترجمة معمارية للهوية الكوردية»، تجمع بين العظمة والحداثة والتجذر في الجغرافيا المحلية.
الجبال – التلال – الأنهار
يقوم التصميم على ثلاث طبقات رمزية:
الجبال: تمثل مراكز العمل والبحث، وهي مبانٍ شامخة في وسط الموقع، تجسد القوة والطموح.
التلال: تضم المساحات المشتركة مثل المطاعم وقاعات المؤتمرات والمختبرات.
الأنهار: مسارات مائية تنساب عبر المشروع، تربط عناصره ببعضها، وتعمل في الوقت نفسه على تجميع مياه الأمطار وإعادة تدويرها لري المساحات الخضراء.
ويؤكد المهندسون أن هذه المنظومة المعمارية «تحاكي دورة الحياة الطبيعية»، حيث تتدفق المياه من قمم الجبال إلى الوادي لتغذي النهر، في مشهد يجمع بين الجمال البيئي والوظيفة الهندسية.

مراحل التنفيذ
يتكون المشروع من ثلاث مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى: إنشاء مبنى معهد كوردستان للابتكار في منتصف الموقع مع مساحات خضراء ومرافق خدمية وترفيهية.
المرحلة الثانية: توسيع المجمع بإضافة مبانٍ جديدة ومرائب سيارات ومناطق استقبال للزوار.
المرحلة الثالثة: استكمال بقية «الجبال الثلاثة» لتكتمل الصورة النهائية للمشروع كمنظومة علمية متكاملة.
مرافق علمية وحياتية متكاملة
يضم المشروع شبكة من القاعات والمختبرات والمرافق العامة المصممة لتخدم الباحثين والطلاب ورواد الأعمال، وتشمل:
قاعة محاضرات تتسع لـ 1000 شخص يمكن استخدامها للمؤتمرات والمعارض والفعاليات الكبرى.
مختبرات متخصصة في مجالات الهندسة والطباعة ثلاثية الأبعاد والإلكترونيات والنسيج.
مكتبة مركزية حديثة ومطاعم ومقاهٍ ومساحات للاجتماعات المفتوحة.
مرافق رياضية وصحية تشمل صالات لياقة بدنية، ملاعب، ومسبح بطول 50 مترًا.
مجمع سكني حديث يضم أكثر من 150 شقة استوديو للباحثين والزملاء المقيمين.

رمزية المشروع وأبعاده الاقتصادية
يُعد مشروع معهد كوردستان للابتكار رمزًا لعصر جديد من التنمية القائمة على المعرفة، إذ يجسد رؤية حكومة الإقليم في بناء مستقبل اقتصادي مستدام، يعتمد على البحث العلمي والتكنولوجيا كركيزة أساسية للنمو.
ويقول القائمون على المشروع إن تصميم المجمع «ليس مجرد مبنى حديث، بل رسالة أمل وطموح لجيل جديد من الكورد المبدعين»، فهو يجمع روح الجبال الكوردية الشامخة مع الابتكار العلمي الحديث في مساحة واحدة تعكس هوية الإقليم وانفتاحه على العالم.
الاستدامة والطاقة النظيفة
يولي المشروع أهمية كبيرة لمعايير الاستدامة البيئية، حيث تغطي الأسطح ألواح شمسية لتوليد الطاقة، كما تم تصميم الواجهات لتعكس أشعة الشمس في الصيف وتسمح بمرورها شتاءً لتوفير التهوية والتبريد الطبيعي.
كما يهدف النظام البيئي للمشروع إلى إعادة تدوير المياه، وإدارة الطاقة بكفاءة عالية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في التشغيل.
نموذج يحتذى به
من المتوقع أن يصبح معهد كوردستان للابتكار وجهة علمية إقليمية ومركز جذب للاستثمارات البحثية والتكنولوجية في العراق والمنطقة.
فهو يجسد التحول من الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد المعرفة، ويربط العلم بالاقتصاد، والفكرة بالتطبيق، ليكون شاهدًا على رؤية إقليم كوردستان في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.
