إحياء قلب أربيل التاريخي: مشروع لترميم حي القشلة وحي العرب يعيد النبض إلى أقدم أزقة المدينة
أربيل (كوردستان 24)- في خطوة هامة للحفاظ على الهوية المعمارية والثقافية لعاصمة إقليم كردستان، انطلقت أعمال ترميم وتجديد حي القشلة وحي العرب، الذي يُعد من أقدم الأحياء المأهولة في مدينة أربيل. يهدف المشروع إلى إعادة الحياة إلى هذا الجزء التاريخي من المدينة، الذي كان شاهداً على قرون من التعايش السلمي بين مختلف القوميات والأديان.
يقع هذا الحي العريق في قلب أربيل، وقد كان على مر العصور مركزاً حيوياً للتعايش بين الكورد والعرب والتركمان، بالإضافة إلى أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية. إلا أن عوامل الزمن والإهمال تركت بصماتها على أزقته ومبانيه، حيث تهدمت العديد من المنازل وتحولت أجزاء منه إلى أطلال تحكي قصص الماضي.
مشروع طموح لإعادة الإعمار
يشمل مشروع الترميم، الذي تشرف عليه حكومة إقليم كوردستان، تجديد 30 منزلاً قديماً في منطقة القشلة وحي العرب. وأوضح مسعود كاره ش، المشرف على المشروع، أن أعمال التجديد ستربط بين شارعي السلطان مظفر وباته، مع الحفاظ الدقيق على الطابع المعماري القديم للمنطقة. ستتحول هذه المنطقة إلى مركز ثقافي وسياحي يضم مقاهي ومكتبات وفنادق تراثية، مما يمنح الزوار والسكان فرصة فريدة لتجربة عبق تاريخ أربيل.
وتُظهر التصاميم الهندسية للمشروع رؤية مستقبلية واعدة للحي، حيث ستتحول أزقته الضيقة إلى ممرات حيوية تصطف على جانبيها مبانٍ تم ترميمها بعناية، مع إضافة مساحات خضراء ومناطق جلوس تعزز من جمالية المكان.
أصوات من قلب الحي القديم
يحمل سكان الحي ذكريات وتاريخاً عميقاً، وهم ينظرون بأمل إلى هذا المشروع. سامي سعيد غني، أحد سكان الحي الذي ورث منزله عن آبائه وأجداده، أعرب عن سعادته بهذه المبادرة، قائلاً: "نتمنى أن يتم ترميم الحي بأكمله على الطراز القديم، ليبقى شاهداً على تاريخنا للأجيال القادمة".
من جانبه، يستذكر كريم شيخ علي، مختار الحي السابق البالغ من العمر 82 عاماً، تاريخ التعايش الغني في هذا المكان. ويقول: "هذا الحي كان يضم 36 عائلة مسيحية في الماضي. آمل أن يصبح هذا المكان مركزاً ثقافياً يضم مكتبات ومتاحف تحكي قصة أربيل العريقة." وأضاف أن الكثير من المثقفين والأدباء والفنانين كانوا من سكان هذا الحي.
أهمية تاريخية وثقافية
تكتسب هذه الأحياء أهمية خاصة لكونها جزءاً لا يتجزأ من النسيج التاريخي لمدينة أربيل، التي تعد من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم. ويأتي هذا المشروع ضمن جهود أوسع لحكومة إقليم كوردستان للحفاظ على التراث الثقافي والمعماري، لا سيما في المناطق المحيطة بقلعة أربيل المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
إن إعادة إحياء حي القشلة وحي العرب لا يمثل مجرد مشروع بناء، بل هو خطوة لتعزيز الهوية الثقافية للمدينة والحفاظ على ذاكرتها الحية. ومن المتوقع أن يساهم المشروع بعد اكتماله في تنشيط السياحة وجعل هذه المنطقة وجهة رئيسية للزوار الباحثين عن أصالة التاريخ وجمال العمارة التقليدية في أربيل.
تقرير: هيرو مولودي – كوردستان24 – أربيل
