واشنطن تُحضّر لاتصالات جديدة وسط تعثر خطط ما بعد الحرب في غزة

أربيل (كوردستان24)- تتزايد مؤشرات تعزيز حركة حماس لنفوذها في قطاع غزة خلال الأسابيع التي تلت وقف إطلاق النار، في وقت تتأخر فيه المحادثات الدولية المتعلقة بترتيبات "اليوم التالي للحرب". ويأتي ذلك فيما نقلت نيويورك تايمز عن مصدرين مطلعين أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف يستعد لعقد اجتماع جديد مع خليل الحية، كبير مفاوضي الحركة، دون تحديد موعد نهائي بسبب حساسية الاتصالات الجارية.
وبحسب التقرير، فإن اللقاء—إن تم—سيعكس رغبة إدارة ترامب في الإبقاء على قناة اتصال مباشرة مع حماس، رغم إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية. وامتنع كل من مكتب ويتكوف ومسؤولي الحركة عن التعليق على المعلومات، بينما لم يرد البيت الأبيض على طلبات الاستفسار.
اتصالات سابقة ومواقف إنسانية
وكان لقاء سابق قد جمع ويتكوف بالحية في شرم الشيخ في أكتوبر الماضي، بحضور جاريد كوشنر، ضمن مشاورات سبقت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. وكشف المبعوث الأميركي لاحقاً أنه قدّم تعازيه للحية بوفاة نجله في ضربة إسرائيلية بقطر، قائلاً: «نحن ننتمي إلى نادٍ سيئ… نادي الآباء الذين دفنوا أبناءهم».
ترسيخ السيطرة: من ضبط الأسعار إلى تعيين بدلاء للمسؤولين القتلى
وعلى الأرض، يقول سكان وتجار في غزة إن حماس تعيد إحكام قبضتها على إدارة القطاع، بدءاً من متابعة الأسعار وتنظيم عمليات البيع، وصولاً إلى فرض رسوم على بعض السلع المستوردة مثل الوقود والسجائر—وهو ما تنفيه الحركة.
وأكد عشرة من السكان وثلاثة تجار أن سلطات الحركة تدقق في كل ما يدخل المناطق الخاضعة لسيطرتها من بضائع، وتفرض غرامات على التجار المتلاعبين بالأسعار. وقال أحد كبار مستوردي الغذاء إن الحركة «لم تستأنف الضرائب بالكامل، لكنها تسجل كل شيء».
ويأتي ذلك بعد أن استعادت الحركة سريعاً السيطرة على المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية عقب وقف إطلاق النار، وأعدمت عشرات الفلسطينيين بتهم «التعاون مع إسرائيل» أو السرقة.
من جهته، قال إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن ما يُنشر حول ضرائب جديدة «غير دقيق»، مؤكداً أن الحكومة تعمل حالياً ضمن الحد الأدنى من طاقتها، وأن الهدف هو فقط «تسيير الأعمال الإنسانية والخدمات الأساسية». وأضاف أن حماس جاهزة لتسليم السلطة إلى «إدارة تكنوقراط جديدة»، فور التوصل إلى اتفاق يضمن انتقالاً منظماً.

وفي موازاة ذلك، أفادت مصادر اقتصادية بأن الحركة واصلت خلال الحرب دفع رواتب موظفيها—الذين يقدّر عددهم قبل الحرب بنحو 50 ألف موظف—لكنها خفضت سقف الرواتب ووحدته عند 1500 شيكل شهرياً. كما جرى تعيين بدلاء لعدد من المحافظين وأعضاء المكتب السياسي الذين قُتلوا في الحرب.
اقتصاد متعثر وسوق شبه مشلولة
تدهور الوضع الاقتصادي في غزة بصورة حادة، بحسب شهادات السكان. وقال حاتم أبو دلال، وهو صاحب مركز تجاري، إن الأسعار ارتفعت بسبب ضعف تدفق البضائع، بينما تحاول الجهات الحكومية «إعادة الاستقرار عبر جولات تفتيش ومراقبة».
وأضاف المواطن محمد خليفة من مخيم النصيرات: «الأسعار تتغير كل يوم… الوضع صعب، والدخل محدود، ونحن مقبلون على الشتاء».
وأشارت مصادر متعددة إلى أن القطاع يتجه تدريجياً نحو تقسيم بحكم الأمر الواقع بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تديرها حماس، في ظل استمرار انتشار القوات الإسرائيلية في أكثر من نصف مساحة القطاع، وتعثر تنفيذ خطة ترامب للحكم والإدارة.
مشهد سياسي معقد: واشنطن ترفض حكم حماس… وفتح ترى أن الحركة تكرّس هيمنتها
وردّاً على ما رواه سكان غزة عن فرض الحركة قيوداً ورسومًا جديدة، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية:
«لهذا السبب لا يمكن لحماس أن تحكم غزة… ولن يحدث ذلك»، مضيفاً أن تشكيل حكومة جديدة في غزة قد يتم فور موافقة الأمم المتحدة على خطة ترامب، التي يجري بحث إنشاء قوة متعددة الجنسيات ضمنها.
وتضغط السلطة الفلسطينية لتأمين دور لها في أي صيغة حكم جديدة، بينما ترفض إسرائيل عودتها إلى غزة. أما الخلاف بين فتح وحماس حول شكل الهيئة الحاكمة فيُعدّ أحد أبرز العراقيل أمام أي ترتيبات سياسية قادمة.
وقال منذر الحايك، المتحدث باسم فتح في غزة، إن إجراءات حماس «تعطي إشارة واضحة بأنها تريد البقاء في الحكم».
تحديات أمنية وسياسية أمام الحركة
في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل القطاع، ظهرت مجموعات فلسطينية صغيرة معارضة لحماس، ما يشكل تحدياً إضافياً للحركة في حال استمرار الوضع الحالي.
وتُطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحركة على البقاء في موقع القيادة مع تعثر الخطة الأميركية، إذ يرى الخبير الفلسطيني مصطفى إبراهيم أن حماس «تستغل التأخير لتعزيز دورها»، مضيفاً: «ستستمر في ذلك إلى أن تتوفر حكومة بديلة».


المصدر: وكالات

 
Fly Erbil Advertisment