علويون من سوريا: ما ظهر في أشرطة مصورة للأسد جاء منسجماً مع صورته الحقيقية في مناطقهم منذ سنوات

أربيل (كوردستان24)- أثار نشر فيديوهات مسربة للهارب بشار الأسد، مع مستشارته الإعلامية "الراحلة" لونا الشبل، موجة من الانتقادات والآراء المتباينة في الأوساط السورية، بين من عبر عن عدم دهشته من تلك المشاهد المتوقعة، خاصة الألفاظ التي شتم من خلالها الأسد الغوطة، والتقارب الذي ظهر بينه وبين الشبل، والتي سبق أن لقيت حتفها في حادث سير قيل أنه "مدبر".

الطائفة العلوية في سوريا، والتي ينحدر منها الأسد من جهتها، انضمت إلى سيل الانتقادات التي ترافقت مع نشر تلك المقاطع والتي ظهر الأسد خلالها يقود سيارة رفقة الشبل وشخصاً ثالثاً، في شوارع الغوطة، حيث ظهر وهو يسخر من الغوطة، ومن الجوامع، ومن جنوده أيضاً.

المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره نشر شهادات وآراء من داخل الطائفة العلوية في الساحل السوري، وذلك عقب بيع ونشر أشرطة مصوّرة للهارب بشار الأسد خلال الأيام الأخيرة. وبحسب ما وثّقه المرصد، فقد تواصل معه مئات الأشخاص من أبناء الطائفة، مؤكدين أنّ ما ظهر في المقاطع لم يكن صادماً بالنسبة لهم، بل جاء منسجماً مع صورة الأسد الحقيقية في مناطقهم منذ سنوات.

وأفاد معظم الشهود بأنّ الأسد لا يحظى بأي قاعدة دعم فعلية داخل الساحل، وأنّ الغضب الشعبي تجاهه مضاعف مقارنة بالمناطق السورية الأخرى، إلا أنّ القبضة الأمنية والممارسات القمعية حالت لعقود دون قدرة الناس على التعبير. وقال أحد الشهود للمرصد: "لقد كنا نسبّه في الخفاء، لأن مجرد الكلام العلني كان يعني الاعتقال أو الاختفاء".

وأشار عدد من أبناء الطائفة في إفاداتهم إلى أنّ فرحتهم بسقوط الأسد تفوق فرحة كثيرين ممن يعيشون في المخيمات، نظراً لما تعرض له الساحل من تهميش اقتصادي وغياب شبه كامل للفرص. وبحسب شهاداتهم، لم تكن هناك وظائف أو مصانع أو شركات حقيقية توفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ما دفع آلاف الشبان إلى الالتحاق بالتجنيد الإجباري أو الميليشيات التابعة للنظام، ليتم استخدامهم |خزاناً بشرياً" في خطوط القتال.

وأضاف بعض المتحدثين للمرصد أنّ النظام استنزف الريف العلوي على مدار أكثر من عقدين، وتركه يعاني الفقر والدمار وفقدان المعيل، بينما بقيت شبكات الفساد والامتيازات محصورة في دائرة ضيقة مرتبطة بالأسد وأجهزته الأمنية.

وكان المرصد السوري قد نشر قبل أيام تقريراً بعنوان: "عام على سقوط النظام.. تحولات جذرية داخل الطائفة العلوية"، تضمن رصداً دقيقاً للتحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها المنطقة. وقد أكد شهود جدد للمرصد أن أبناء الطائفة يشعرون اليوم بأنهم أمام فرصة للانعتاق من إرث النظام، لكن مجازر آذار الأخيرة وحوادث القتل والخطف التي أصابت آلاف المدنيين من الطائفة جعلت فرحتهم “غصّة”، على حد وصفهم، وأدخلتهم في حالة انكفاء وحذر شديدين.

وبحسب الإفادات، يقول الأهالي أن سقوط النظام أصبح فرصة للانتقام الطائفي، ويرون أن الخطاب المتشنج في بعض المناطق يضاعف هذه النزعات ويؤدي إلى مزيد من التوتر.

وتشير المعطيات التي جمعها المرصد إلى أنّ "مجموعات واسعة من أبناء الطائفة العلوية تستعد حالياً لتلبية دعوة الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى، للمشاركة في إضراب مدته خمسة أيام، في خطوة غير مسبوقة داخل الساحل منذ عقود".

وكانت قناة “العربية”، بثت مساء الأحد، دفعة جديدة من تسجيلات مسرّبة تجمع الرئيس السوري السابق بشار الأسد ومستشارته الراحلة لونا الشبل، تتضمّن أحاديث غير مسبوقة تكشف مواقف حادّة تجاه ملفات وشخصيات محلية وإقليمية، وتفتح الباب مجددًا على طبيعة الإدارة الداخلية التي كانت تحكم النظام خلال السنوات الأخيرة قبل انهياره.

وبحسب ما بثته القناتان في جزء سابق من التسريبات، فإنّ المقاطع توثّق نقاشات داخل الدائرة الضيقة للسلطة، جرى خلالها تبادل تعليقات ساخرة وانتقادات لرموز محسوبة على النظام السوري وحلفائه.

وفي أحد المقاطع الجديدة، تتطرّق الشبل بلهجة ناقدة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما يجيب الأسد بتعليقات مماثلة، في مشهد اعتُبر مؤشّرًا على طبيعة التباينات الخفيّة التي كانت تحكم العلاقة مع موسكو، رغم اعتماد النظام تاريخيًا على الدعم الروسي في الميدان والسياسة.

كما تُظهر تسجيلات أخرى حديثًا لافتًا حول المعاناة الإنسانية في سوريا، بما فيها إقرار ضمني بمعرفة القيادة بما كانت تتعرّض له بعض المناطق خلال النزاع، بالتزامن مع تعبيرات سلبية موجّهة نحو جنود في الجيش السوري وعناصر أمنية.

وتضمّنت المواد المنشورة أيضًا مشاهد تعود إلى جولات ميدانية سابقة في مناطق مدمّرة، ظهرت فيها الشبل وهي تتحدّث مع الأسد حول خطورة ما خلّفته الحرب، مع تسجيل لحظات استخفاف أو تبرير لبعض الممارسات التي وُثّقت حينها عبر منظمات حقوقية.

أعادت التسريبات الجديدة طرح الأسئلة بشأن الظروف التي أحاطت بوفاة لونا الشبل في حادث سير أواخر العام 2023. فبينما رجّحت جهات رسمية حينها رواية الحادث العرضي، ظلّ جزء من الرأي العام يعبّر عن شكوكه حول إمكان ارتباط الأمر بصراعات داخلية.

كما أفادت “العربية” أنّ التسجيلات وُجدت داخل القصر الجمهوري في مظروف مختوم بعبارة “سري للغاية”، إلى جانب مستندات شخصية تتعلق بالشبل.

تواصل القناتان منذ يومين بثّ أجزاء من هذه التسريبات، التي تأتي بعد سقوط النظام السابق في سوريا وفرار الأسد في كانون الأول 2024، وهو حدث فتح الباب أمام كشف مواد ووثائق وتسجيلات من داخل مراكز القرار التي بقيت طيّ الكتمان طوال أكثر من عقد.