هل يسبب الذكاء الاصطناعي اضطرابا نفسيا؟
أربيل (كوردستان24)- دخل الذكاء الاصطناعي حياتنا من الباب العريض، وحتى لو ما أردنا استخدامه، فقد تسلل إلى يومياتنا عبر معظم التطبيقات التي نستخدمها على هواتفنا المحمولة.
ولكن كثيرين تلقفوه وباتوا يعتمدون عليه في أعمالهم وتساؤلاتهم و حتى في الحصول على النصائح والدعم.
ففي الآونة الأخيرة، بات المزيد من الأشخاص يعتمدون على الذكاء الاصطناعي للحصول على الدعم العاطفي أو كبديل للمعالجين النفسيين.
ويبدو أن ظاهرة مقلقة آخذة في الانتشار، تُعرف باضطراب الذكاء الاصطناعي النفسي أو ”ذُهان الذكاء الاصطناعي (AI Psychosis).
وعلى الرغم أن هذه الظاهرة ليست تشخيصاً طبياً رسمياً، فإنها بدأت تُرصد في الإعلام ومنتديات الإنترنت مثل Reddit، وتصِف حالات يُعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد أسهم فيها في تضخيم أو خلق أعراض ذهانية لدى بعض الأفراد.
ففي حالة حديثة، يُشتبه بأن الذكاء الاصطناعي قد يكون أدى دوراً في تفاقم الأوهام لدى أحد المستثمرين في شركة OpenAI.
يشير الباحثون إلى أن قدرة الذكاء الاصطناعي، على محاكاة لغة المستخدم وتأكيد ما يكتبه أو يقوله، والاستمرارية في الحديث معه، قد تعزز الأوهام وتدعمها من دون قصد.
ووفقاً لمقال نُشر عام 2023 في مجلة Schizophrenia Bulletin، فإن التفاعل مع ”شات بوتات“ مثل ChatGPT يمكن أن يبدو واقعياً لدرجة تجعل الشخص يعتقد أنه يتحدث مع إنسان آخر، ما يخلق تناقضاً معرفياً قد يغذي الأوهام، خاصة لدى من لديهم ميل نفسي سابق.
أنماط الذهان المرتبطة بالذكاء الاصطناعي
لقد تم، وفقاً لدراسة جديدة، تحديد 3 أنماط شائعة من الذُهان المرتبطة بالذكاء الاصطناعي:
1. أوهام العظمة: يعتقد الشخص أنه اكتشف حقيقة كبرى.
2. الذكاء الإلهي: يرى أن الذكاء الاصطناعي كائن عليمٌ وواعٍ.
3. الأوهام العاطفية: يظن الشخص أن الذكاء الاصطناعي يكنّ له المحبة.
وفي بعض هذه الحالات، يتوقف الأشخاص المرضى عن تناول أدويتهم، ما يؤدي إلى انتكاسات ذهانية أو نوبات هوس. كما أُبلغ عن حالات لأشخاص، من دون تاريخ طبي نفسي سابق، أصبحوا موهومين بعد تفاعلات مطوّلة مع ”الشات بوتات“، ووصل الأمر إلى محاولات انتحار أو إلى دخول مستشفيات نفسية.
الذكاء الاصطناعي والأوهام
إن التصميم العام للذكاء الاصطناعي يركّز على عدة مواصفات أساسية تميّزه، أهمها إرضاء المستخدم وعكس أسلوبه أو محاكاته، الاستمرار في المحادثة إلى ما لا نهاية، وأخيراً تأكيد معتقدات وآراء المستخدم بدلاً من تحدّيها.
هذا يعني أنه عندما يُعبّر شخص ما عن أوهام، مثل الاعتقاد بأنه مختار من قِبل كائن سماوي مثلاً، فإن الشات بوت قد يُظهر تأييداً ضمنياً أو يُكمل المحادثة على هذا الأساس.
ومع تكرار المحادثات وتذكر الذكاء الاصطناعي للمعلومات السابقة التي حصل عليها من المستخدم، يشعر المستخدم أن الذكاء ”يتفهمه“ أو "يشاركه الاعتقاد"، ما يعمّق التوهم.
النتائج المحتملة
ونتيجة التفاعل المتزايد مع الذكاء الاصطناعي، وبسبب مزايا الذاكرة لديه، قد يزيد الانفصال عن الواقع وتتفاقم الأوهام، كالاعتقاد بأن الذكاء يتحدث برسائل خاصة بالمستخدم، ما يعزز الإحساس بالأهمية. وفي بعض الحالات الحادّة، تُفسَّر إجابات الذكاء الاصطناعي على أنها أوامر، أو قد يصاب المستخدم بنوبات هوس تترافق مع الأرق أو الكلام المفرط، وقد تحدث أيضاً حالات من العزلة الاجتماعية بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي.
بما أن الذكاء الاصطناعي باقٍ في حياتنا، وبما أنه يتطور مع كل استخدام له، يجب رفع الوعي بالمخاطر المحيطة به و كيفية تداركها ومحاولة الاستفادة منه من دون تأثيرات سلبية قدر المستطاع.
المصدر.. وكالات