تمور البصرة.. "الذهب الأخضر" الذي ينافس براميل النفط في طريق "الإقليم الفيدرالي"

أربيل (كوردستان 24)- في قلب مدينة البصرة، وتحديداً في شارع "بشار" التاريخي، يقع المركز الرئيسي لتجارة التمور، حيث لا تُقاس ثروة المدينة بالنفط فحسب، بل بتنوع بيولوجي مذهل يضم أكثر من 1664 نوعاً من التمور.

في زيارة لموفد كوردستان24، هيمن دلو الى البصرة، زار أحد المحال المتخصصة بالتمور وقام صاحبها بأعطاء شرح لـ "نوادر التمور".

مشيراً إلى أن البصرة تنفرد بمنتجات تراثية مثل "المدبس البصراوي"، الذي يعد رفيق الشتاء الأول، حيث يُطبخ التمر مع الدبس والحبة الحلوة وعرق الحار لمدة ثلاث ساعات ليمنح الجسم طاقة ودفئاً استثنائيين.

ويستعرض المحل أصنافاً تشتهر بها المدينة، بدءاً من "البرحي" البصراوي ذائع الصيت، و"أصابع العروس" التي تتميز بحلاوتها الخفيفة ونكهتها الراقية، وصولاً إلى "الخيارية" و"المعسل الأبيض" الذي يُصنع من الدبس الأصلي والبرحي.

ولا تقتصر الجودة على التمور الخام، بل تمتد للصناعات التحويلية مثل "حلاوة نهر خوز" الشهيرة، المكونة طبيعياً من الدبس والراشي (الطحينة) فقط.

أما للباحثين عن الفخامة، فيبرز تمر "المجهول" البصراوي كأغلى الأصناف، حيث يتراوح سعر الكيلو منه بين 20 إلى 25 ألف دينار، بينما تتوفر خيارات صحية لأصحاب الحمية ومرضى السكري مثل تمر "الرزيز" و"فحل الإبراهيمي".

هذه الوفرة في الإنتاج تفتح الباب أمام تساؤلات اقتصادية وسياسية ملحة؛ فالبصرة التي يطالب مواطنوها اليوم وبقوة بتحويلها إلى إقليم فيدرالي لضمان حقوقها الإدارية والتنموية، تؤكد للعالم أنها لا تكتفي بكونها "عاصمة النفط"، بل هي "عاصمة النخيل" التاريخية. 

ويرى مراقبون أن هذه الثروة "الخضراء" لو وُظفت بشكل منهجي من قبل الحكومة عبر دعم المعامل الحديثة وفتح منافذ التصدير العالمية، لكانت مورداً مالياً ضخماً يضاهي إيرادات النفط ويحرر اقتصاد المدينة والعراق من الارتهان الكلي لتقلبات أسعار الخام.

إن استثمار قطاع التمور في البصرة ليس مجرد حفاظ على هوية ثقافية، بل هو خطوة نحو "الاستقلال الاقتصادي" الذي يطمح إليه أبناء الإقليم المفترض، ليتحول التمر من مجرد "سلعة موسمية" إلى ركيزة أساسية في بناء مستقبل المدينة وتوفير آلاف فرص العمل للشباب البصراوي.

بين تمر "الرزيز" المخصص لمرضى السكري، وتمر "المجهول" المخصص للموائد الفاخرة، تبقى البصرة وفية لنخلتها، بانتظار رؤية حكومية تحول هذا القطاع من "تراث شعبي" إلى "صناعة وطنية" تليق بمكانة البصرة كبوابة اقتصادية للعالم.