مخاوف من حصار أمريكي على العراق… تداعيات نفطية واقتصادية كارثية
أربيل (كوردستان24)- حذّر مراقبون للشأن الاقتصادي من أن أي حظر كامل على صادرات النفط العراقية، المقدّرة بـ3.4 مليون برميل يومياً، قد يترك آثاراً مدمرة على السوق النفطية العالمية من جهة، وعلى الاقتصاد العراقي من جهة أخرى.
ويؤكد المراقبون أن منع تصدير النفط العراقي سيؤدي فوراً إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في المدى القصير جداً. غير أن هذا الارتفاع لن يستمر طويلاً، إذ ستتجه الدول الصناعية الكبرى إلى استخدام جزء من مخزوناتها الاستراتيجية، فيما قد تستغل أوبك بلس، ولا سيما السعودية والإمارات، طاقتها الإنتاجية الفائضة التي يمكن أن تضيف أكثر من 5 ملايين برميل يومياً إلى المعروض النفطي، الأمر الذي سيعيد الأسعار تدريجياً إلى مستوياتها السابقة.
كارثة اقتصادية داخلية
لكن على الصعيد المحلي، يرى مراقبون ان منع العراق من تصدير نفطه ستكون له تداعيات كارثية، أبرزها:
تجميد أرصدة العراق في البنك الفدرالي الأمريكي.
انهيار سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار.
فقدان 92% من إيرادات الموازنة العامة التي تعتمد على النفط كمورد أساسي.
تصاعد جنوني في أسعار السلع الأساسية، مما سيضاعف معاناة الفقراء وأصحاب الدخول الثابتة والطبقة الوسطى.
كما يشير خبراء إلى أن التعويل على بيع النفط في السوق السوداء أمر غير واقعي، نظراً إلى افتقاد العراق لأسطول ظل لنقل النفط، ما يعني أن الكميات المحتملة لن تتجاوز بضعة آلاف من البراميل يومياً، وهي غير كافية لتغيير الواقع المأساوي.
أسباب سياسية وأمنية
ويُضاف إلى هذه المخاوف تصاعد القلق الأمريكي من تنامي نفوذ الفصائل المسلحة المقرّبة من إيران داخل العراق، خصوصاً مع إصرار بعض الأطراف على تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان. وتعتبر واشنطن أن هذه التحركات تُقوّض سيادة الدولة وتُضعف مؤسساتها، ما قد يدفعها إلى فرض عقوبات شاملة أو حصار اقتصادي للضغط على بغداد.
ورقة الضغط المالي
وتبقى السيطرة الأمريكية على النظام المالي العالمي، لاسيما عبر الاحتياطي الفدرالي حيث تُودع عائدات النفط العراقي بالدولار، إحدى أوراق الضغط الأشد خطورة. فأي خلاف كبير بين بغداد وواشنطن قد يؤدي إلى تقييد وصول العراق إلى أمواله أو فرض قيود على التحويلات بالدولار، وهو ما يعادل حصاراً اقتصادياً جزئياً قد يشل البلاد.
ذاكرة الحصار
وتُضاعف هذه التحديات مخاوف العراقيين الذين ما زالوا يتذكرون الحصار الدولي في تسعينيات القرن الماضي (1990–2003) وما خلّفه من انهيار اقتصادي وإنساني واسع. وهذا الإرث الثقيل يجعل أي حديث عن عقوبات أمريكية محتملة مثار قلق شعبي واسع، ولو اتخذت هذه العقوبات اليوم أشكالاً مالية أو تجارية بدلاً من الحصار المباشر.
ويرى المراقبون أن العراق يقف أمام معادلة حساسة: الحفاظ على سيادته وعلاقاته الإقليمية من جهة، وتجنّب الصدام مع الولايات المتحدة من جهة أخرى. وفي ظل الاعتماد شبه المطلق على النفط والدولار، فإن أي قيود أمريكية، لو لم تصل إلى حد الحصار الشامل، قد تكون كفيلة بإحداث شلل اقتصادي واجتماعي واسع يهدد الاستقرار الداخلي.
