من رماد الحرب.. شباب غزة يستخرجون وقوداً من البلاستيك للبقاء على قيد الحياة
أربيل (كوردستان24)- على شاطئ ميناء غزة الذي يلفه الدخان الكثيف، نشأت صناعة يائسة من بين ركام الحرب. في مواجهة حصار خانق يمنع وصول الوقود، يلجأ شبان فلسطينيون إلى صهر النفايات البلاستيكية في أفران بدائية لإنتاج وقود ديزل خام، وهو شريان حياة محفوف بالمخاطر لكنه ضروري لتشغيل سيارات الإسعاف ومنح بصيص أمل وسط أزمة إنسانية متفاقمة.
في مشهد يعكس واقع المدينة المنهكة، يعمل هؤلاء الشبان بطرق بدائية، حيث يشعلون النيران ويجمعون المواد البلاستيكية من مخلفات الدمار. يقول أحد عدنان خضر، المهنة عامل، وهو يلقي بأنابيب بلاستيكية في أتون النار: "نلم البلاستيك مطرح الدمار... نحن لا نيأس، ونعمل المستحيل في كل حاجة وماشيين حالنا".
هذا الوقود، الذي يطلق عليه محلياً "سولار صناعي"، هو نتاج عملية تكرير محفوفة بالأخطار، يتم فيها تسخين البلاستيك حتى يتبخر، ثم يُكثف الغاز ليتحول إلى سائل. ورغم رداءة جودته، أصبح هذا الوقود ضرورياً لتسيير الحد الأدنى من حركة الحياة في القطاع. يوضح أحمد الجاورشة وهو عامل آخر أهمية ما يقومون به قائلاً: "عندنا تكرير البلاستيك عشان نطلع سولار ونشغل المستشفيات ونشغل السيارات".
لقد تسبب انقطاع الوقود في شلل شبه تام في غزة. تبدو الشوارع خالية إلا من خطوات المارة المتعبة، وأغلقت المخابز أبوابها في وجه الجائعين، وتزداد البيوت عتمة كل ليلة. حتى سيارات الإسعاف أصبحت تعتمد على هذا الوقود المكرر يدوياً لنقل الجرحى والمرضى، مما يجعل كل قطرة منه تساوي فرصة في الحياة.
الأزمة ليست خدمية فحسب، بل هي أزمة حياة شاملة. يضيف عامل ثالث واسمه سليمان فارس بُعداً اقتصادياً للمشهد: "بما إنه قلة شغل وقلة مصادر دخل وغلاء أسعار، فإحنا مضطرين نشتغل هذا... بنخدم جزء من البلد، بنخدم السيارة، بنخدم التوكتوك، بنخدم المزارع".
إن "السولار الصناعي" ليس حلاً، بقدر ما هو شهادة على مرارة الواقع. إنه يروي قصة حصار يخنق غزة منذ سنوات، ويكشف كيف يحول الفلسطينيون المعاناة إلى وسيلة للبقاء، مستخرجين الحياة من رحم الدمار.
تقرير: بهاء الطوباسي – كوردستان24 – غزة