اقتصاد العراق في مهب الريح: هل يضطر السوداني لفرض الضرائب وخفض الرواتب

أربيل (كوردستان 24)- لا تبدو في الأفق القريب أي حلول ناجعة لانتشال الواقع المالي العراقي من أزمته الراهنة، سوى اللجوء إلى خيارات مريرة تتمثل في فرض ضرائب إضافية وتقليص رواتب الموظفين.

هذا "السيناريو القاتم" هو ما يخشاه خبراء الاقتصاد، ويبدو أن حكومة تسيير الأعمال العراقية قد تضطر للتصادم معه، خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن وجود عجز ضخم في الموازنة العامة؛ عجزٌ يراه المختصون ليس بجديد، لكنه وصل اليوم إلى ذروة خطورته.

يرى الخبير الاقتصادي، رمزي الساري، أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي تركة ثقيلة تتراكم منذ عام 2003. ويقول ساري: "المشكلة الاقتصادية الكبرى في العراق مستمرة منذ عقود، وتنتقل الأزمات من حكومة إلى أخرى، لكن الوضع الآن وصل إلى مرحلة حرجة توصف بالعجز التام".

ويضيف الساري محذراً: "بناءً على توجيهات صندوق النقد الدولي، يتعين على العراق زيادة الضرائب المفروضة على المواطنين وخفض الإنفاق على الرواتب. هذه الإجراءات، وإن كانت تهدف لسد العجز، إلا أنها ستؤدي حتماً إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع بالأسواق، مما يجعل مهمة أي حكومة قادمة شاقة للغاية في مواجهة الغضب الشعبي".

على الجانب الآخر، يتبنى خبراء اقتصاديون مقربون من الأوساط الحكومية رؤية أقل حدة، معولين على "مناورات" البنك المركزي لتقليل فجوة العجز.

وفي هذا الصدد، يشير الخبير الاقتصادي، صفوان قصي، إلى أن العراق يمتلك أدوات للمناورة، قائلاً: "حجم الاحتياطيات في البنك الفيدرالي الأمريكي يمنح العراق قدرة على السيطرة على قيمة العملة وتقليل العجز.

هناك توجه لإبداء مرونة من قبل البنك المركزي لتوفير سيولة تقدر بنحو 20 مليار دولار لتمويل الموازنة دون التسبب في تضخم مالي".

ويقترح قصي ضرورة التركيز على "الاستثمار خارج إطار الموازنة" كحل استراتيجي لتجاوز هذه المعضلة.

ورغم التطمينات الحكومية التي تؤكد أن العجز لن يمس الحياة اليومية للمواطنين بشكل مباشر، إلا أن الواقع الحسابي يفرض نفسه بقوة.

حيث يجمع الخبراء على أنه لا يمكن تقليص العجز دون زيادة الوعاء الضريبي، وهو ما ينذر بـ "انفجار" أزمة اقتصادية واجتماعية جديدة في المدى المنظور، تضع القوة الشرائية للمواطن العراقي في عين العاصفة.

يبقى السؤال القائم في الشارع العراقي: هل ستنجح الحلول المصرفية في سد الثغرات، أم أن جيب المواطن سيكون هو الضحية الأولى لسياسات التقشف القادمة؟

تقرير: سيف علي – كوردستان24 – بغداد