حلمُنا أثار ثلاثة مخاوف وقاتلنا من ركّع بغداد على ركبتيها

مسرور بارزاني

اربيل (كوردستان 24)- قال مستشار مجلس أمن اقليم كوردستان مسرور بارزاني إن حلم استقلال الكورد لن يموت على الرغم مما تعرضوا له من رد فعل بمجرد اظهار رغبتهم في الاستقلال، وأشار الى أن الاستفتاء اقلق المتحفظين بثلاث قضايا ابرزها تأثيره على محاربة الارهاب.

واجرى اقليم كوردستان استفتاء جريئا وتاريخيا في 25 من ايلول سبتمبر 2017 حظي بتأييد الاغلبية الكاسحة لصالح الاستقلال عن العراق.

وردت بغداد بعنف على الاستفتاء فرفضت نتائجه مسبقا وحظرت الرحلات الدولية في مطارات الاقليم قبل أن تشن هجوما عسكريا انتهى بالسيطرة على معظم المناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد بما في ذلك كركوك الغنية بالنفط والمتنوعة قوميا واثنيا.

وقال بارزاني في مقابلة مع موقع المونيتور الامريكي "اعتقد أن هذا الحلم لن يموت".

وكان بارزاني، الذي يزور واشنطن حاليا، يرد على سؤال حول ما اذا كانت العقوبات العراقية على كوردستان قد انهت حلم الكورد في اعلان دولة.

وقال إن على العالم والحكومة العراقية أن يكونا على دراية بتطلعات الشعب الكوردي وبماذا يفكرون وما الاسباب التي دفعتهم الى الاستفتاء.

وتابع "لسوء الحظ، أعتقد أن نوايا شعبنا قد اسيء فهمها عمدا (من جانب بغداد) لأن التعبير عن الرغبة لا يعني بالضرورة أن يؤدي إلى المواجهة... وهذا هو الحال عندما تسوء الأمور".

وأشار الى أن التعبير عن الرغبة في اختيار طريقة العيش "ليس جريمة"، وقال "هذا ما قام به شعبنا... كان من الضروري معرفة ما يريده الكورد".

وأكد بارزاني أن الحكومة العراقية اثناء المفاوضات كانت ترى أن حكومة اقليم كوردستان لا تمثل بالضرورة رأي جميع الكورد.

وقال "اما الآن اصبحنا نعرف ما يريد الكورد. اكثر من 92 بالمئة صوتوا بنعم لصالح الاستقلال".

ولفت الى أن تعبير امة عن رغبتها في الحياة اهم من أي شيء آخر، مضيفا "وعندما لا يقبل العالم هذا ويتصرف بالطريقة التي اتبعها، فإن هذا ينسف جميع القيم والمبادئ وميثاق الأمم المتحدة الذي يمنح كل امة حق تقرير المصير.. كان الاستفتاء ممارسة ديمقراطية متحضرة".

وزاد بالقول "أعتقد أن الشعب الكوردي يجب أن لا يكون مسؤولا أو يعاقب بمجرد أنه عبر عن رأيه".

وقال بارزاني إن المتحفظين على الاستفتاء، ومنهم العراقيون وواشنطن والغرب بالإضافة الى تركيا وإيران، لم يعترضوا على مبدأ تقرير المصير بل كثيرا ما كانوا يتحدثون عن التوقيت.

وقال "لم نكن نعتقد أن الأسباب التي طرحت علينا تبرر تأجيل الاستفتاء. إنني أتحدث أساسا عن الولايات المتحدة والعراقيين وبعض الدول الأوروبية. وكان قلقهم يتعلق أساسا بثلاثة امور".

وشرح بارزاني هذه الامور قائلا إن أحدها يتعلق بالحرب على داعش أما الامر الثاني فيتصل بصعوبة حصول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على ولاية ثانية، بينما الامر الثالث يرتبط بالمناطق المتنازع عليها والمخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية.

وبين مسرور بارزاني أن الكورد كانوا يملكون اجابات على هذه الامور، وهي أن الاستفتاء لن يؤثر على مواصلة الحرب على الارهاب المتمثل بتنظيم داعش.

وبشأن الامر الثاني قال بارزاني "نعتقد أن نفوذنا للمساعدة في إعادة انتخاب أي شخص، محدود جدا لأن نظام الانتخابات في العراق مصمم لضمان أن الشيعة هم الأغلبية.. نحن نعلم أن رئيس الوزراء القادم سيأتي بالتأكيد من كتلة شيعية.. وأصوات السنة والكورد مجتمعة لن تجدي نفعا".

وعن الأمر الثالث أجاب بارزاني "البيشمركة كانت في تلك المناطق (المتنازع عليها) لسبب ما.. لأن القوات العراقية فشلت في الدفاع عنها وتركتها في اعقاب هجوم داعش (منتصف عام 2014). لم نقل ابداً أن الاستفتاء سيرسم حدودا بين كوردستان أو بقية العراق.

"كنا واضحين جدا أننا كنا نستفيد من حقنا المنصوص عليه في المادة 140 من الدستور" التي تعالج الوضع في المناطق المتنازع عليها.

وحينما سئل عن الاستفتاء في كركوك قال بارزاني إن هناك رأين حول ذلك اولهما كان يميل الى اجراء الاستفتاء داخل الحدود الحالية للإقليم بينما ذهب الرأي الآخر الى عدم وجود أي مبرر لإبعاد المدينة عن الاقتراع في الوقت الذي يمكن للكوردي العراقي المقيم في المهجر المشاركة.

ونوه الى أن مصير كركوك وباقي الأراضي المتنازع عليها يجب أن يقرر وفقا للمادة 140 من الدستور العراقي، مبينا أن الكورد لم يكن لديهم نية لفرض ارادتهم على مصير تلك المناطق.

ولدى سؤاله عن سبب اعتراض واشنطن على الاستفتاء قال بارزاني إنه لا يعلم بذلك.

وبخصوص ردة فعل بغداد على الاستفتاء قال إن صمت المجتمع الدولي لاسيما الولايات المتحدة جعل الحكومة العراقية تشعر ان العالم يقف الى جانبها في استخدام القوة العسكرية لتسوية خلافات سياسية "مع ملايين من المواطنين العراقيين في بلد يسمى العراق".

وقال بارزاني إنه كان بإمكان واشنطن أن تقنع بغداد بان نتائج الاستفتاء لن تؤدي الى اعلان الاستقلال بشكل احادي، واصفا استخدام العراق القوة ضد قوات البيشمركة بالعمل العدواني ضد شعبه.

واعتبر أن الهجوم العراقي على المناطق المتنازع عليها كان مبيتا، وقال "كانت نية بغداد واضحة كوضوح الشمس. وعلى الرغم من جميع الدعوات التي وجهها مسؤولو كوردستان وقادة الأحزاب لإجراء مفاوضات سلمية، إلا ان التحشدات العراقية تزايدت".

وأكمل حديثه قائلا "وبدلا من التفاوض مع حكومة كوردستان، اجرى مسؤولون في بغداد محادثات مع فصيل داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني لعقد صفقة حول كيفية تحرك القوات، وكانت الفكرة إدخالها إلى قاعدة كيه-1 العسكرية والى حقول النفط" في كركوك.

وقال إنه لم يكن هناك حديث عن دخول تلك القوات الى مركز المدينة، مشيرا الى أن هناك صفقات مختلفة بهذا الجانب فيما يبدو.

وبعدما سئل عن الشخصية العراقية التي يمكن للكورد التفاوض معها بشأن مستقبلهم قال بارزاني "انظروا إلى تاريخنا على مدى قرن. عندما كان صدام (حسين) في السلطة كان يسيطر على كل كوردستان.. اين هو؟ وأين نحن؟ لن نتخلى أبدا عن أرضنا أو رفاه شعبنا".

وجدد الزعيم الكوردي الشاب من أن هزيمة تنظيم داعش لا تعني القضاء على ايديولوجيته، مشيرا الى اهمية معالجة الاسباب التي اظهرت التنظيم.

وطرح بارزاني تساؤلا "هل هناك منطقة مستقرة في العراق؟ هل هناك خدمات؟ اين الماء؟ اين الكهرباء؟ اين تذهب كل هذه الاموال؟"

وقال إن العراق بلد غني جدا غير أن سوء ادارة ثروته والتمييز ضد المكونات قاد البلاد الى الانهيار، مؤكدا ان كوردستان لا تزال اكثر المناطق استقرارا في العراق.

واستدرك "الهجمات العسكرية ضد كوردستان في العام الماضي ألقت بظلالها على الوضع، وأتساءل عن الاسباب التي تدفع أي شخص في زعزعة استقرار الجزء الاكثر استقرارا في البلاد".

وابدى استغرابه من الحديث عن سيادة العراق في الوقت الذي بعثت فيه بغداد مبعوثيها الى دول الجوار للرد على قضية داخلية، في اشارة الى الاستفتاء.

وكرر مسرور بارزاني تأكيده على أن اقليم كوردستان سيلتزم بمكافحة الارهاب ولا يخلط بين العلاقات السياسية والملف الامني. وقال "سنحارب الإرهاب مهما كان. وعندما كنا محرومين من الأسلحة فأننا كنا نقاتل نيابة عن الآخرين.. كنا نقاتل عدوا ركّع بغداد على ركبتيها.. لقد أنقذنا البلاد".

وسئل عن الملف الكوردي السوري فقال بارزاني إن الوضع هناك اكثر تعقيدا بكثير من القضية الكوردية في العراق، مشيرا الى أن هناك قضايا داخلية أخرى في سوريا وبين الكورد السوريين أنفسهم.

وأوضح أن التضامن الذي ابدته حكومة اقليم كوردستان للكورد لاسيما في عفرين لا علاقة له بالخلافات السياسية او التحالفات مع مجموعة او اخرى.

وقال بارزاني "نحن أمة واحدة... هؤلاء المدنيون الأبرياء (في عفرين) يحتاجون إلى دعم إنساني، ونحن على استعداد لتقديم أي مساعدة يمكنها ان تخفف من معاناتهم... نحن ضد الحرب، والقضايا التي يمكن حلها سلميا ينبغي أن تعالج على نحو سلمي".

ولم يمانع بارزاني القيام بدور الوسيط بين تركيا والوحدات الكوردية قائلا "إذا كان هناك أي شيء يمكننا القيام به لإنقاذ الابرياء سنقوم بذلك بالتأكيد".

وعن وجود حزب العمال الكوردستاني في سنجار جدد بارزاني تأكيده على ضرورة ان يعالج أي فصيل كوردي من أي بلد مختلف قضاياه في ذلك البلد وليس تصدير مشاكله الى بلد آخر، مؤكدا في الوقت نفسه ان هذا الامر يجعل الامور اكثر تعقيدا.

ولدى سؤاله عن الاحزاب الكوردية الايرانية الموجودة في اقليم كوردستان قال بارزاني "كان الكورد الإيرانيون أكثر هدوءا نسبيا.. لقد استجابوا بشكل إيجابي لدعوة حكومة إقليم كوردستان إلى عدم القيام بعمليات عسكرية ضد إيران. أعتقد أن الحالة معهم مختلفة تماما".

وأشار الى أن اقليم كوردستان لا يسعى لإذكاء العداء مع تركيا وسوريا وإيران والعراق، مبينا ان الكورد دأبوا دائما على مد يد الصداقة الى تلك البلدان طالما لا تشكل تهديدا على الحقوق الدستورية للكورد.

وقال إن ايران دولة جارة ويحرص اقليم كوردستان على تعزيز العلاقات معها، كما اعتبر تركيا شريكا حيويا لحكومة إقليم كوردستان.

وأضاف أن تركيا لم تغلق حدودها مع الاقليم في اعقاب الاستفتاء "مما ساعد على منع حدوث أزمة إنسانية في كوردستان"، ووصف بارزاني تلك الخطوة بالمبادرة المهمة.

وعندما سئل عن الانتخابات قال بارزاني إن على الكورد ان يكونوا موحدين لكي يكون لهم تأثير فاعل في بغداد، مشددا على ضرورة انشاء كتلة كوردية موحدة لخوض الانتخابات العراقية العامة المقررة في 12 أيار مايو المقبل.

وتحدث بارزاني بإسهاب عن لجوء بغداد لحظر الرحلات الدولية في مطارات اقليم كوردستان، وقال إن العبادي يماطل كثيرا في رفع الحظر عنها على الرغم من استجابة حكومة الاقليم لمعظم مطالب الحكومة العراقية.

والمح الى أن العبادي ومسؤولين آخرين يسعون للحصول على مكاسب انتخابية عبر الورقة الكوردية، وبيّن أن مسؤولي العراق وعدوا بفتح المطارات قريبا. وقال بارزاني "دعونا نرى ما إذا كانوا يحافظون على وعدهم".

وأكد مسرور بارزاني تأكيده على أن الحكومة العراقية لم ترسل أي مساعدات للنازحين الذين لاذوا بإقليم كوردستان هربا من جحيم العنف.

وقال المسؤول الكوردي الرفيع "لماذا لا يزال الناس يفرون من بقية العراق وما زالوا يأتون للعيش في كوردستان العراق؟ وذلك بسبب استمرار انعدام الخدمات والأمن في بلداتهم وقراهم... لأن كوردستان لا تزال الأكثر أمانا" من أي جزء آخر في العراق.